الصدقة يعرفها الفقهاء بأنها كل ما يتم إعطاؤه للمحتاجين من أجل التقرب لله تعالى وطلباً لرضاه ولثوابه، انطلاقا من أن المؤمن وكل ما يملكه هو ملكٌ لله تعالى فلا يجوز منع هذه المنح الربانية عن المحتاجين حتي لو لم يطلبوها وكي تكون الصدقة خالصة لوجه الله لا يجب أن تكون بعيدا عن الرياء وسعيا لإرضاء الله تعالي .
جدير بنا هنا التأكيد علي أن فَضْل الصدقة في رمضان يتضاعف وثوابه عن غيره من الشُّهورالاخري انطلاقا من أن هذا الشهر المبارك موسم الخيرات والبركات؛ ولذلك كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أجود الناس عطاءً بالخير، وكان أكثر جوده في رمضان،
وليس أدل علي ذلك من الحديث الذي رواه سيدنا عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ، كانَ أجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"؛
ويعني الجود هنا كما أكد علماء الحديث إعطاء كلّ ما يجب إلى مَن يجب إليه؛ أي أنّ الجُود أعمّ وأشمل من الصدقة فضلا عن أنّ الرحمة التي جعلها الله في شهر رمضان رحمةٌ مضاعفةٌ عن غيره من الشهور؛ ولذلك نَدَبت الشريعة المسلمين للإكثار من الصدقات في رمضان؛ بالإنفاق على المحتاجين، والأهل، والأقارب؛ طمعاً في نيل الثواب والأجر العظيمَين
بل أن فَضْل الصدقة يبدو واضحا وجليا في رمضان في أنّها تأتي في زمانٍ مخصوصٍ فضّل الله فيه الأعمال الصالحة والعبادات، ورتّب عليها الأُجور المضاعفة؛ ولذلك أجاز بعض العلماء تقديم موعد دفع الزكاة المُستحقّة، وبَذْلها في شهر رمضان؛ لفَضْل الزمان وأهميّته.
ولكن في المقابل هنا من يستحب اخراج الصدقة في رمضان وثمراتها خصوصا في العشر الأواخر من رمضان لما لذلك من ثمرات عديدة مترتبة علي ذلك على ذلك، والتي يُذكر منها أنّها: سببٌ من أسباب طَرْد وساوس الشيطان، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "ما يُخرجُ رجلٌ شيئًا منَ الصدقةِ حتى يَفُكَّ عنها لَحْيَيْ سبعينَ شيطانًا" فالصدقة تدلّ على صدق النيّة، وتُبيّن أنّ ما يَبْذله المسلم ما هو إلّا وسيلة لنَيل رضا الله -سبحانه-،
وتجدر الإشارة إلى أنّ الصدقة تشمل عدّة صُورٍ، منها: إطعام الطعام، قال -تعالى-: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا*إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا"
من صور الصدقة في رمضان تفطير الصائمين، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا"فضلا عن تطهير المال والنفس، وتحقيق النماء والزيادة في المال، قال الله -تعالى-: "خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ الحِكمة من تفضيل الصدقة في رمضان تتجلّى الحِكمة من تفضيل
فضل الصدقة في رمضان تتضاعف في رمضان باعتبارها من صُور الإحسان إلى الفقراء، وغيرهم من ذوي الحاجة، وإعانتهم على الإفطار والسحُور، كما أنّ البَذْل والعطاء في رمضان فيه مُوافقةٌ لربّ العالمين في عطائه؛ إذ صَحّ أنّ الله -تعالى- يعتق عدداً من عباده في كلّ ليلةٍ من ليالي رمضان،
العديد من أحاديث النبي دللت علي فضل الصدقة في رمضان منها قوله صلي الله عليه وسلم -: "إذا كانَ أوَّلُ ليلةٍ من شَهْرِ رمضانَ يُنادي مُنادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِرْ وللَّهِ عُتقاءُ منَ النَّارِ، وذلكَ كلُّ لَيلةٍ"، وفي ذلك اقتداء بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
لفضل الصدقة ومقامها الرفيع كان النبي صلي الله عليه وسلم يكثر من الصدقة في شهر رمضان، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : "كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن حيث يكون الرسول أجود بالخير من الريح المرسلة».
العديد من العلماء والفقهاء أجمعوا علي ضرورة الإكثار من الصدقات سواء عبر إفطار الصائمين أو إدخال السر علي قلب المحتاجين بالإضافة إلي أن الله يضاعف للمتصدق أجره في شهر رمضان وبل ويدخل الجنة من باب من أبوابها يسمي باب الصدقة ناهيك عن المباركة في مال المتصدق