السؤال الأزلي والمتكرر، لماذا نسأل الله عز وجل ومع ذلك لا يستجيب، رغم أنه وعدنا بقوله تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ؟.. هناك أمرًا من اثنين، إما أن هذا الوعد غير حقيقي، وحاشى الله تعالى أن يكون الأمر كذلك.. أو أننا لا نفهم بشكل صحيح، كما أننا نفهم الاستجابة بشكل خاطئ.
مبدئياً هذه الآية، ليس معناها أبداً (أؤمر و ربنا ينفذ )!!.. هذا الموضوع مهم جدًا ويحتاج منا لتركيز شديد كي نفهمه جيدًا).
أولاً: ماذا يعني مجيب ؟.. يعني أنت تسأل سؤال وسيجيب الله عليه .. والسؤال نوعان: سؤال معلومة، أو سؤال لعطاء محدد .. مثلا تسأل أحدهم كم الساعة، ويجيبك .. أو سؤال احتياج فيجاوبك بالعطاء المباشر أو بالاعتذار أو التأجيل ..
الفرق بين أجيب وأستجيب
ثانياً: هناك فرق بين أجيب و أستجيب ؟.. أجيب : هو جواب سواء بالرفض أو الموافقة أو التأجيل .. أما أستجيب : فعني التنفيذ والموافقة .. وهنا ترى الله عز وجل وقد ذكر مرة كلمة "أجيب " و مرة " أستجيب" : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ (ادْعُونِي) (أَسْتَجِبْ) لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ).. (وَإِذَا (سَأَلَكَ) عِبَادِي (عَنِّي) فَإِنِّي قَرِيبٌ (أُجِيبُ) دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون)
الأولى : يقول الله عز وجل .. ادعوني .. استجب .. وآخر الآية: إن الذين يستكبرون عن (عبادتي ).. يعني أن الله عز وجل ربط بين الدعاء والعبادة .. بمعنى لو لم تدع فأنت تستكبر عن عبادتي .. يعني الدعاء هو مفتاح العبادة لأنك تعترف بوحدانية الله وأنك لابد أن تطلب منه هو فقط ..
فأول معنى للاستجابة : هو القبول والقرب والموافقة من الله .. بمعنى أن الله يقول لك: (لو قربت مني وتريدني وتعبدني فأنا سأستجيب بقربي منك بمجرد لجوءك لي).. (يعني من الآخر نادي عليا هتلاقيني جنبك )..
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟المعنى الأشمل لمفهوم الاستجابة
إذن المعنى الأشمل لمفهوم الاستجابة، ليس استجابة طلباتك وأوامرك.. فهذا أول جزء .. والجزء الثاني هو الموجود في الآية الثانية التي فيها شرح لتفاصيل سؤالك وشكل استجابة الله عز وجل له ..
أول شيء : وَإِذَا (سَأَلَكَ) عِبَادِي (عَنِّي) فَإِنِّي قَرِيبٌ (أُجِيبُ) دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعانِ .. فلو سألت .. ربنا سيجيب .. سؤالك مثلاً يا رب أريد أن أعرفك .. سيجيبك.. سؤال آخر: أريد أن أعمل .. سيجيبك
لكن كيف سيكون شكل الجواب ؟.. هنا توقف واعلم أن الأمر ليس حسب حسبتك أنت.. أنت فقط سألت .. وهو قال لك (أجيب) وليس (أستجيب ) !!
أمر آخر في غاية الأهمية، وهو كلمة (عني )، فهي كلمة في غاية الأهمية، من الممكن أن تقال: ( إذا سألك عبادي فإني قريب أجيب .. لكن الله عز وجل خصصها بـ ( عني ).. فأنت سؤالك بالأساس لابد أن يكون عن الله وليس عن نفسك !.. ما يعني أن يكون كل شيء حولك موصول بالله عز وجل مهما كان مليء بالوجع أو العوز أو الاحتياج.. وبالتالي لو علمت ذلك، لا يمكن أن تشترط أمورًا من الله، ستسأله وأنت على يقين أنه سيجيب، لأنك ربطت أمرك كله بيده سبحانه وفقط.