ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول: "ماهو المعمول به في الفتوى والقضاء طبقًا لأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبي حنيفة بالنسبة لانتهاء عدة سيدة في الثلاثين من عمرها طلقت طلاقًا رجعيًّا من سنتين، ولم تَرَ دم الحيض بعد الطلاق إلا مرة واحدة فقط، ثم ارتفع عنها الحيض لسبب لا تعلمه، مع أن حيضها كان معتادًا قبل الطلاق، فهل يُحكَم بأنها ممتدة الطهر تنتظر إلى سن الإياس ثم تعتد بثلاثة أشهر؛ فتظل معلقة بحيث لا تستحق مؤخر صداقها ولا يمكنها الزواج قبل ذلك؟".
وأجابت دار الإفتاء بأن هذه الحالة المسؤول عنها تُعرَف في الفقه بـ(مُمتَدَّة الطُّهر)، وهي المرأة التي كانت تحيض ثم انقطع حيضها بلا سبب يُعرَف قبل بلوغها سن اليأس.
والمنقول عن السادة الحنفية في هذه المسألة أنها تنتظر إلى سن اليأس، والمختار عندهم أنه خمس وخمسون سنة. غير أن الذي عليه المحققون من الحنفية: أن الفتوى في هذه المسألة إنما هي على مذهب الإمام مالك في جعله عدة ممتدة الطهر سنة قمرية (تسعة أشهر غالب مدة الحمل، وثلاثة أشهر لانقضاء العدة)، وهذا القول يصدق عليه أنه أرجح الأقوال في مذهب الإمام أبي حنيفة، وأنه هو الذي ينبغي اتباعه في الفتوى والقضاء.
والمأخوذ به في القضاء المصري أنه عند عدم وجود نص في قانون الأحوال الشخصية فإنه يُعمَل بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة؛ وهو كما عليه محققي المذهب أن تتربص تسعة أشهر غالب مدة الحمل؛ لِتَتَبَيَّنَ براءةَ الرحم وزوال الريبة، ثم تعتد بثلاثة أشهر، فإذا أتمت ذلك فقد انقضت عدتُها وترتبت على ذلك كل آثار انقضاء العدة شرعًا.
والقضاء بهذا الرأي لا يخالف ما عليه القانون من الحكم في المسائل التي لم ينص عليها بالأرجح من مذهب أبي حنيفة؛ لأن الحنفية أنفسهم قد أجازوا الأخذ به، فضلًا عن أنه يُخَرَّجُ على رواية عندهم؛ فهناك رواية عند الحنفية بأن سن الإياس مُفوَّض إلى مجتهد الزمان، أو رأي الحاكم، حتى جعلوا قضاء القاضي به نافذًا لا يبطل؛ بحيث لو ادعى مُدَّعٍ مخالفته لمذهب الحنفية وأراد نقض الحكم به بعد صدوره فإن نصوص المذهب الحنفي تمنع إبطال هذا الحكم.
اقرأ أيضا:
هل يجب الصلاة على النبي كلما ذكر اسمه؟