لا ينبغي للمؤمن أن يغرد بعيدا عن الله فإن أصابه خير لجأ إليه بالدعاء والشكر وطلب الزيادة.. وإن أصابه مكروه لجأ إليه سبحانه بالدعاء بكشف الكرب والحزن وراحة القلب.. هذا هو حال المؤمن لا ينفك أبدا عن الله تعالى. حال المؤمن إن أصابه مكروه:
وليعلم المؤمن أن في تعلق القلب بالله، وصدق التوجه إليه، وسؤاله رواحة لقلبك وجسدك فهو أعلم بنا من أنفسنا ويعلم مستقرنا ومستودعنا ويعلم ما ينفعنا وما يضرنا ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.. ولذا فللجوء إليه يختصر عليك الطريق وينير لك سبل الرشاد ويدفع عند الجهد والحزن والكرب العظيم.. وهذا غاية الكرم منه سبحانه وتعالى.
ومن الأحوال التي تطرأ على الإنسان ما يصيبه من بلاء سواء ككان هذا بخسارة تجارة أو فقد حبيب أو ألم نفسي ألم به أو مرض عضوي يتألم منه وتتعدد الأسباب ليقع القلب في الحيرة ويصاب الإنسان ما يكره ويتألم داخله ويشعر كانه يسبح على بلا ساحل وهنا يقل أمله في النجاة وتتراكم عليه الهموم والغموم فإن لم يدفعها تحكمت فيه وسيطرت على جوارحه فيصيبه المكروه وتتعطل مصالحه ويقل إنتاجه ويصاب بأمراض نفسية أو عضوية يسهل معها التفكير في التخلص من أي شيء حتى نفسه.
الفضفضة مع الله:
والكلام مع الله ودعائه و
مناجاته لا تحتاج إلا أن تفتح قلبك معه سبحانه وتعالى وتتكلم معه دون قيود مراعيا حدود الأدب.. تتكلم فيما يشغلك بأي طريقة أو أسلوبك هذه الطريقة في أبسط صورها تعني
"الفضفضة مع الله" أي تتكلم مع الله بحرية ودون قيود تشكو له حالك بأي عبارات عامية كانت أو فصيحة بلا تكلف؛ فأنت حينما تحب شخصًا ما تتكلم معه بأريحية وبحرية يكسوها أدب وتشكو له دون أن تخاف.. الله أحق بهذا من العباد بل يحب أن تفعل هذا.
أدعية دفع الكرب:
ومما ينبغي اللجوء إليه في هذه الحالة الدعاء فهو رأس كل خير وباب كل جميل فلتذهب إلى الله مخلصا راجيا وتدعوه دعاء المضطر وهو سبحانه يجيب دعوة المضطر ويكشف السوء، فإذا أصابك هم أو
كرب، فلتتقرب إلى الله تعالى بالدعاء والعبادات والطاعات، ففي سنن أبي داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أعلمك كلمات تقولهن عند الكرب؟ الله، الله ربي، لا أشرك به شيئا. حسنه الألباني، كما أخرج أحمد عن عبد الله بن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحا، قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: أجل، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن.
ومما ورد في أدعية الكرب ما أخرجه أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
وفي صحيح البخاري عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يكثر القول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه: كلمة أخي يونس عليه السلام، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. والحديث رواه الترمذي.
وفي مسند أحمد، والسنن الكبرى للنسائي، ومستدرك الحاكم، وصحيح ابن حبان ـ واللفظ لأحمد ـ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَقَّنَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَأَمَرَنِي إِنْ نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَهُنَّ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْكَرِيمُ الْحَلِيمُ، سُبْحَانَهُ وَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.