كثيرة هذه الأيام شكاوى الناس من العوز والحاجة، بل وقد يصل الأمر حد الحسد أو الحقد من اغتناء فلان أو علان، أو عندما يشتري أحدهم شيئًا فينظر له فيه، حيث ينشغل للأسف كثير من الناس فيما بين أيدي الناس، وليس فيما عند الله، لذلك وضع الإسلام حلا لمثل هذه المواقف، فعن شداد بن أوس رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا شداد بن أوس، إذا كنَز الناس الذهبَ والفضة، فاكنز هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك لسانًا صادقًا، وقلبًا سليمًا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب».
الثبات الحقيقي
إذن القضية الأهم هي الثبات، فكيف للإنسان أن يصل لمرحلة الثبات؟.. فالثبات على الدين مطلب أساسي لكل مسلم صادق يريد سلوك الطريق المستقيم والفوز بجنات النعيم بعد رضا رب العالمين، ومعنى الثبات: هو التمسك بدين الله، والعيش على منهجه وشرعته، والتمسك بسنة نبيه إلى حين الوفاة، وبالتالي أي امتعاض أو ضيق من حالتك المادية أو الاجتماعية والنظر لما في أيدي الناس، إنما هو من أول الطرق للخروج عن الثبات، فاحذر عزيزي المسلم من الوقوع في هذا الأمر، وقد حذرنا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم عن كل هذا فيما رواه مسلم في صحيحه قال: «بادروا بالأعمال الصالحة، فستكون فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا».
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟القلب السليم
أيضًا للوصول إلى الثبات الحقيقي، يتطلب الأمر قلبًا سليمًا، فكيف يتأكد المسلم من سلامة قلبه؟.. القلب السليم هو الذي ينجي صاحبه من عذاب الله، كما قال تعالى:«يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» (الشعراء:88-89)، وهو القلب الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ، فسلم من عبودية ما سواه، وهو القلب الذي لم يرتبط بالدنيا وزخرفها، لذلك فقد حذرنا الناصح الأمين من الوقوع في هذا المطب الكبير، وهو اختيار الدنيا عن الآخرة، فروى عمرو بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم».