يسأل كثير من الناس، ما المقصود بأن أكون مسلمًا ورعًا؟.. والإجابة ببساطة أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك.. والمسلم الورع يدع الصغيرة مخافة الكبيرة.. أي أنه لا يتقدم قيد أنملة تجاه أي صغيرة مهما كانت، ولو كانت لا يعرفها أحد، مخافة أن يقع في كبيرة ما، ومثل هؤلاء إنما يسيرون على نهج رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، الذي حذرنا من البعد عن طريق الله، ودعانا لتجنب الصغيرة والكبيرة معًا، فعن الحسن بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عنه قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
النصح النبوي
الحديث السابق يكشف لأي مدى كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ناصحًا لأمته، يخشى عليهم النار، ويتمنى لو كانوا جميعهم من أهل الجنة لاشك، ودعوته ( دع ما يريبك )، إنما هي أمر عام بترك كل ما يريب الإنسان ، والريبة هي الشك كما في قوله سبحانه وتعالى : « الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ » ( البقرة : 1-2 ) ، وعليه فإن الحديث يدعو إلى ترك ما يقع فيه الشك إلى ما كان واضحاً لا ريب ولا شك فيه، وذلك لأن ترك الشبهات في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الأحكام ، يقود الإنسان إلى الورع والتقوى.
وفي ذلك يقول الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه: « تمام التقوى ترك بعض الحلال خوفا أن يكون حراما ».. إذن من أراد الورع والتقوى سار على نهج نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ويروى أن رجلا طلب النصح من الحكماء فأخذ حصاة من الأرض قال له: « زنة هذه من الورع يدخل قلبك ، خير لك من صلاة أهل الأرض ».
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟الرضا بالقليل والتقوى من الجليل
الورع عزيزي المسلم، هو ما بينه الإمام علي ابن طالب حين قال: «هي العمل بالتنزيل والرضا بالقليل والخوف من الجليل والاستعداد ليوم الرحيل»، ومما ورد في سير من كانوا قبلنا ، ما جاء في حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال : «اشترى رجل من رجل عقارا له ، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب ، فقال له الذي اشترى العقار : " خذ ذهبك مني ؛ إنما اشتريت منك الأرض ، ولم أبتع منك الذهب " ، وقال الذي له الأرض : " إنما بعتك الأرض وما فيها " فتحاكما إلى رجل ، فقال الذي تحاكما إليه : " ألكما ولد ؟ " قال أحدهما : " لي غلام " ، وقال الآخر : " لي جارية " ، قال : " أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدقا».