حينما تأتي السيرة العربية، لابد لنا جميعًا أن نتوقف أمامها ولو قليلا، ولما لا، وهي أعظم السير، فمنها خرج المصطفى آخر الأنبياء صلى الله عليه وسلم، ومنها خرجت الصفات الحميدة، التي حينما يتصف بها أحد يضرب بها المثل بشخص عربي..
فحين تتحدث عن الصدق لا يمكن إلا أن تخرج الصفة من أرض العرب.. فها هو أبي سفيان وهو لايزال على الشرك حينما يسأله هرقل عن صفات النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فتراه يرد بمنتهى الصدق قائلا: «هو ذو نسب، ويتبعه ضعاف الناس، وليس من أصله ملكًا، وما علمنا عليه من كذب قط، وهو خير أمين، ولا يغدر أبدًا، ويأمرنا بالعفاف والصدق والصدقة والحق وصلة الأرحام.. فما كان من هرقل إلا أن رد عليه قائلا: وما هذه إلا بصفات نبي.. انظر لصدق أبي سفيان، لم يسيء لنبي لم يؤمن به بعد.. وما ذلك إلا لأنه عربي، والعرب لا يكذبون.
العرب أهل الكرم
أيضًا من أهم صفات العرب، أنهم أهل كرم، فقد كان حاتم الطائي ممّن يضرب بهم المثل في الكرم، وقد كان من كرمه أنه يعتق العبد إذا جاءه بضيف، ومن العرب من لم تكن له إلا ناقة واحدة، فيأتيه ضيف فيذبحها له.. فلما جاء الإسلام دفع باتجاه تأصيل هذه الصفة، بل جعل نصف الجهاد كرم، وفي ذلك الله عز وجل: «الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ}،{إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ».. فخرج كرام الكرام من الإسلام، وأبرزهم: (أبي بكر الصديق الذي تبرع لماله كله لله، وعمر ابن الخطاب الذي تبرع بنصف ماله لله، وعثمان ابن عفان الذي جهز جيش العسرة على نفقته، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الذي تصدق بقافلة تجارية كاملة مكونة من سبعمائة ناقة في سبيل الله عز وجل.
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟الشجاعة والعزة العربية
أيضًا من أهم صفات أهل العرب، الشجاعة والإقدام، فمازال عنترة بن شداد مضرب المثل في القوة والإقدام، وهو قبل الإسلام، فلما أن جاء الإسلام اشتهر من بينه، خالد ابن الوليد الذي ما خسر حربًا قط، والفاروق عمر ابن الخطاب الذي كان يخشاه الشيطان فيمر من شارع آخر إذا رآه.
أيضًا من صفات العرب، العزة، فلا تجد عربيًا يذل نفسه أبدًا إلا لله، وهذا عنترة بن شداد يقول:
لاَ تَسْقِنِي مَاءَ الْحَيَاةِ بِذِلَّةٍ *** بَلْ فَاسْقِنِي بِالْعِزِّ كَأْسَ الْحَنْظَلِ
مَاءُ الْحَيَاةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّـمَ *** وَجَهَنَّمُ بِالْعِزِّ أَطْيَـبُ مَنْـزِلِ