يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: (قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا )، لو تدبرت هذه الآية، ستجد أنه في كل الأحوال أنسب اختيار و أفضل قرار هو ما يكون حولك و قريب منك وليس البعيد عنك أو تتمناه ولا يأتي.. الفكرة هي أن تكون تعرف كيف تراه أم لا؟.. فالإنسان لو فقد بصيرته .. حقيقة يكون فقد كل شيء!..
لذا إياك أن تتصور أن قدراتك العقلية وحدها هي التي ستضمن لك اختيارات صحيحة .. هذه كفيلة تجعلك في حالة حيرة و مُتخبط وغير راضي بالنتائج مهما كانت.. العقل بحاجة شديدة إلى المنطق .. والنتائج بالتأكيد مرتبطة بأسباب .. لكن البصيرة ليس لها أية قواعد .. كل شيء وارد مع الله عز وجل .. فالذي يبدو أن ظاهره شر قد يكون باطنه خير والعكس !.
قو بصيرتك بالله
لذا عزيزي المسلم، حين تضيق بك جدًا وتكون في قمة تخبطك .. اترك الموضوع على الله، ثم قوي بصيرتك واشتغل عليها .. وهي كفيلة بالباقي !.. لكن كيف تشتغل عليها؟.. تعمل عليها بجلاء قلبك أولا بأول من كل شريك خفي مع الله سواء بشر أو مشاعر تعلق .. أو خوف .. أو كره .. وهذا يتحقق بمعرفة الله المستمرة و بذكر الله .. قال تعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ .وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ).. لذا كان نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح يدعون عز وجل بالقول: (اللهم أرنا بنور بصيرتك ما خفي عنا يا رب.. واللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابه).
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسناتمعنى البصيرة
البصيرة هي نور يقذفه الله في قلب المؤمن، وليس لأحد سوى المؤمن، وبالتالي فإن أعظم أسباب تحصيل البصيرة إنما هي تقوى الله تعالى في السر والعلانية، كما قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا» (الأنفال:29).
وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ» (الحديد:28)، والعكس صحيح، فإن من أسباب طمس البصيرة والعياذ بالله، إنما البعد عن طريق الله عز وجل، والغفلة عن ذكر الله تعالى، فإنها مؤدية إلى انفراط الأمر، كما قال تعالى: «وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا» (الكهف:28).