مدح الله تعالى الصبر في كتابه العزيز في مواضع كثيرة، وأمر به، وجعل أكثر الخيرات مضافا إلى الصبر، وأثنى على فاعله، وأخبر أنه سبحانه وتعالى معه، وحث على التثبت في الأشياء، ومجانبة الاستعجال فيها، فمن ذلك قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين".. فبدأ بالصبر قبل الصلاة، ثم جعل نفسه مع الصابرين دون المصلين. قوله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".
وقوله تعالى: " وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا".
الصبر في القرآن:
وبالجملة، فقد ذكر الله سبحانه وتعالى الصبر في كتابه العزيز في نيف وسبعين موضعا.
وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم به فقال تعالى: " فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم".
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أخبار كثيرة، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «النصر في الصبر» .
وقوله عليه الصلاة والسلام: «بالصبر يتوقع الفرج» . وقوله: «الأناة من الله تعالى والعجلة من الشيطان».
فمن هداه الله تعالى بنور توفيقه ألهمه الصبر في مواطن طلباته والتثبت في حركاته وسكناته، وكثيرا ما أدرك الصابر مرامه أو كاد، وفات المستعجل غرضه أو كاد .
اقرأ أيضا:
التفكر في الكون.. عبادة من أرق العبادات.. تعرف على فضائلهاحكم وآداب:
1-قال الأشعث بن قيس: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فوجدته قد أثر فيه صبره على العبادة الشديدة ليلا ونهارا، فقلت يا أمير المؤمنين: إلى كم تصبر على مكابدة هذه الشدة؟
فما زادني إلا أن قال:
اصبر على مضض الإدلاج في السحر .. وفي الرواح إلى الطاعات في البكر
إني رأيت وفي الأيام تجربة .. للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقلّ من جد في أمر يؤمله .. واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
2- وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:
احفظوا عني خمسا.. اثنتين واثنتين وواحدة.. لا يخافن أحدكم إلا ذنبه، ولا يرجو إلا ربه، ولا يستحي أحد منكم إذا سئل عن شيء وهو لا يعلم أن يقول لا أعلم، واعلموا أن الصبر من الأمور بمنزلة الرأس من الجسد إذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد، وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور، وأيما رجل حبسه السلطان ظلما، فمات في حبسه مات شهيدا فإن ضربه فمات، فهو شهيد.
3- وروي في الخبر لما نزل قوله تعالى: "من يعمل سوءا يجز به"
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه يا رسول الله: كيف الفرح بعد هذه الآية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفر الله لك يا أبا بكر، أليس تمرض، أليس يصيبك الأذى، أليس تحزن، قال: بلى يا رسول الله. قال: فهذا ما تجزون به يعني جميع ما يصيبك من سوء يكون كفارة لك، وبهذا اتضح لك أن العبد لا يدرك منزلة الأخيار إلا بالصبر على الشدة والبلاء.