بعض الكبائر تمر علينا دون أن نشعر بها، أو نعرف قدرها عند الله، ومدى غضبه تجاهها، بل ربمانشارك فيها عن جهل أو سوء قصد، حتى أننا أصبحنا نستصغرها في لهونا وحياتنا الدنيا، ومن هذه الكبائر الخوض واللعب بآيات الله، وجعل الله عز وجل تعالت أسماؤه وصفاته شريكا لنافي لهونا، من خلال التعريض بذكره جل وعلا في هذا اللهو، في الوقت الذي تحسب هذه الكبائر على أحدنا لمجرد أنه سكت عنها ولم ينبه إليها.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الكبيرة التي نستصغرها وقال:(إنّ العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا) رواه الترمذي وحسنه، وفي معناه حديث رواه البخاري ومسلم.
ويقول الله تعالى في سورة التوبة: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) (التوبة 66 – 65).
كفر بعد إيمان
فمن المؤسف أن يترك الرجل إيمانه وهو لا يشعر بل ويستصغر ما يفعل، وذلك بعد أن آمن بشعائر الله وعظمته وربوبيته، وتوقيره، ولكن قد تدفعه المزحة مع أصدقائهأو السكوت عنها للتعريض بالله عز وجل في لهوهم، "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)الزمر.
فإن الإنسان قد يتكلّم بلا مبالاة بكلمة هي استخفاف بملائكة الله أو تحريف لدين الله وهو لا يرى أنه يعصي بهذه الكلمة ربّه، لا يظنُّ أنها معصية، فينزل يوم القيامة في جهنّم، في عمق جهنّم إلى سبعين سنة.
اقرأ أيضا:
الذكر يريح القلب ويبعث الطمأنينة .. تعالوا نذكر الله بهذه الطريقةفالفائز هو العبد الذي يطيع ربّه ويحفظ قلبه ويحفظ لسانه، يحفظ جوارحه هذا الإنسان الفائز الناجي، أما من لم يحفظ قلبه أو لم يحفظ لسانه فقد عرّض نفسه لهذه النّار العظيمة، والله غنيّ عن عباده هو أخبر في كتابه المنزّل على نبيّه وفي الكتب التي نزّلها على غيره من الأنبياء قبله بأنّ له نارًا شديدة، يحذر عباده حتى يطيعوه ويتجنّبوا معاصيه، وأهمّ شىء على الإنسان أن يجتنبه هو الكفر، أهم الأشياء وأولاها بالتجنب هو الكفر إن كان كفرًا قوليًا وإن كان كفرًا فعليًّا وإن كان كفرًا اعتقاديا، سائر المعاصي هيّن بالنسبة للكفر، كلّ المعاصي، قتل النفس التي حرّم الله أعلى المعاصي بعد الكفر، قتل الشخص نفسَه وقتل نفس غيره من الأنفس التي حرّم الله تعالى، هذا الذنب الذي هو أعظم الذنوب بالنسبة للكفر شىء هيّن فلذلك عليكم أن تحفظوا ألسنتكم كما أن عليكم أن تحفظوا عقائدكم أي قلوبكم من الكفر.
لا تستصغر الكبائر
يجب على الإنسان أن يهتّم لتجنّب المعاصي كلّها صغائرها وكبائرها وألا يستصغر الكبائر، كما أن تجنّب الكفر أولى لأن الله تبارك وتعالى يغفر لمن يشاء ممّن يموت مسلمًا، ما سوى الكفر يغفر لمن يشاء أما الكفر فلا يغفره، الكفر إذا لم يعرف الشخص في الدنيا أنّه وقع فيه فيرجع إلى الإسلام بالشّهادة بلا إله إلا الله محمّدٌ رسول الله فلا ينفعه في الآخرة شىء، لا إن تصدّق عنه أهله ولا إن قرؤوا له القرءان وختموا له ختمات، كلُّ هذا لا ينفعه إذا لم يتدارك نفسَه قبل الموت يخلص منه بالرجوع عنه ويكون ذلك بالشهادة.
أما الذي لا يعرف الكفر كفرًا وإنّما يظنّه شيئًا مكروهًا فقط هذا يموت وهو كافر وهو لا يشعر ويعرف أنّه كافر في حال سكرة الموت حينما يأتي ملك الموت عزرائيل وملائكة العذاب لمّا يحضرون هو يراهم، يضربونه، ملائكة العذاب يضربون المحتَضَر الذي هو كافر من أمام ومن خلف لكن صوته انقطع تلك الساعة، من شدة الألم ألم المرض الذي كان فيه، ألم سكرة الموت وألم ضرب هؤلاء الملائكة، ملائكة العذاب، يجتمع عليه ألمان شديدان، ألم المرض، وألم سكرة الموت.
فسكرة الموت أشدُّ من ألف ضربة بسيف، فوق هذا يشعرالكافر في تلك الساعة بضربة الملائكة، يضربون وجهه وخلفه عندئذ يعرف أنه من أهل النّار ليس أمامه راحةٌ ولا خير إنّما يُقْدِمُ على شىء أعظم، يكره الموت كراهيةً بحيث لو في استطاعته أن يحبس نفسه لفعل، لكن ليس في استطاعته بل من شدّة الألم الذي ينزل به لا يستطيع أن يتكلّم، أغلب النّاس عند موتهم ترتبط ألسنتهم، الأتقياء بعضهم كذلك ترتبط ألسنتهم لكن أولئك ليس لأنهم على حالةٍ سيئة بل ليزيدهم الله درجات ليس هَوَانًا على الله، أمّا الكافر يرتبط لسانه لا يستطيع أن يوصي وصيّةً بما يهمّه من أمر أولاده وغير ذلك ارتبطت ألسنتهم من شدّة ألم سكرات الموت لسانهم صار لا يشتغل.
فتذكر دائما وأنت تمزح مع أصدقائك قول الله تعالى الذي نوهنا عنه في سورة التوبة: "وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65).
اقرأ أيضا:
كيف تدير مشكلة طرفها امرأة.. هكذا كان يفعل النبي؟!