عزيزي المسلم، إن كنت تريد الحفاظ على كل مالك، وألا يأكل كنزك أو مالك السوس، فعليك بالسر الإلهي العظيم، وفي ذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه: « إن استطعت أن تجعل كنزك حيث لا يأكله السوس، ولا تناله اللصوص؛ فافعل بالصدقة»..
الله على جمال ما قاله هذا الصحابي الجليل، كأنه يريد أن يوضح المكانة العظيمة للصدقة عند الله، ومع ذلك كثير منا ينسى أو يتناسى ذلك، فقد كان سفيان الثوري ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه، ويقول: «مرحباً بمن جاء يغسل ذنوبي»، بينما كان الفضيل بن عياض يقول: «نعم السائلون، يحملون أزوادنا إلى الآخرة بغير أجرة.. حتى يضعوها في الميزان بين يدي الله تعالى» فهكذا كان فهم العلماء الربانيين للصدقة، فإياك عزيزي المسلم أن يغيب عنك هذا المعنى العظيم والجميل.
أخص صفات الله
الصدقة صفة اختص بها الله عز وجل عباده المؤمنين، بل قل إن شئت أخص العباد المؤمنين هم المتصدقون، ولذلك يقول عنهم: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» (الذاريات:16-19).
ووعد سبحانه وتعالى وهو الجواد الكريم الذي لا يخلف الميعاد، بالإخلاف على من أنفق في سبيله، فقال سبحانه: «قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» (39 سبأ)، كما وعد بمضاعفة العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافاً كثيرة، فقال سبحانه: «مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (البقرة 245).
اقرأ أيضا:
8ثمار رائعة للإيمان بالقضاء والقدر ..مصدر انشراح الصدر والرزق الوفير .. سلم زمام أمرك للهسرور كبير
الصدقة هي الإحساس بالآخرين، ومحاولة إدخال السرور على الناس، خصوصًا في أيام الأعياد، وشهر رمضان وهكذا، لذلك فإن فضلها يتعدى حدود أجر الصدقة إلى أجر زرع الابتسامة على وجه هؤلاء الناس، فضلا عن أجر جبر الخاطر، تخيل فعل واحد تؤجر عليه بثلاثة أمور مختلفة.
ففي الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً»، لذلك فإن الصدقة لاشك ترفع صاحبها، حتى توصله أعلى المنازل، وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل».