السعادة أمر متفاوت ونسبي بين الناس، فليس الجميع يشعر بالسعادة بذات السبب، وإن تشابهت بعض الأمور التقليدية، لكن من منا يصل لمرحلة السعادة الحقيقية؟.. مؤكد القليل، أو قل إلا ما رحم ربي، ذلك أن السعادة الحقيقية هي التي تمس الروح والقلب، وينام العبد لا يهمه من دنياه شيء، طالما أن رضا الله عز وجل يحيط بكل جوارحه، وبالتالي الوصول لهذه المرحلة لابد أن يمر عبر ابتلاءات عديدة، لكن القلب واثق ثقة عمياء في قضاء الله وقدره.
عن المقداد بن الأسود قال ايم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلي فصبر فواها».
الأنس بالله
العلماء أكدوا أن السعادة الحقيقية إنما هي في الأنس بالله عز وجل، فإذا ما أقام الإنسان مع ربه علاقة طيبة متميزة شعر بهذه السعادة، ومن ثم سلم صدره من أي آفات دنيوية مهما كانت، وهذا سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، يروي عن الرجل الذي اعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الجنة، فلما أراد أن يعرف لماذا هذا الرجل من أهل الجنة، ذهب إليه وطلب المبيت عنده، فوافق الرجل، فإذا به لا يجده يزيد عن الناس شيئًا، وبعد ثلاث أيام سأله، كيف يكون من أهل الجنة، فكانت الإجابة العظيمة: «آخذ مضجعي كل ليلة، وليس في قلبي على أحد».
إذن نقاء القلوب هو الطريق إلى السعادة الحقيقية لاشك، فالله وحده هو القادر أن يمنح من يشاء السعادة في قلبه، كما وعد سبحانه؛ فقال: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» ( النحل: 97 ).
اقرأ أيضا:
بيت الظالم يخرب قبل بيت الكافر.. فلا تظلم أحدًاأن تكون سويًا
عزيزي المسلم، أيضًا من أسباب الوصول إلى السعادة الحقيقية هي أن تكون إنسانًا (سويًا)، أي تحب الخير للجميع، ولا تنافق ولا تجادل لمجرد الجدال، ولا تتبع عورات الناس، وأن يكون الله أمام عينيك طوال الوقت، وأن تكون سويًا يعني الاتساق داخليًا وخارجيًا مع ذاتك، فلا تتصرف عكس ما تبطن، لأن ذلك لن يوصلك إلا إلى اكتئاب ويأس.
يقول تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ» (الصف: 2-3)، وما ذلك إلا لأن باب السعادة لا يمكن أن يدخله من كان يرى السواد في كل شيء، والفشل في كل أمر، فهذا أبعد ما يكون عن السعادة، وإنما مفتاح ذلك الباب هو التفاؤل.