وقد كنت قريش تعظم هذا اليوم قديما حيث كانوا يكسون الكعبة فيه، ويصومون هذا اليوم تعظيما فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وجدهم يعظمون ذلك اليوم ويصومونه، فسألهم عنه فقالوا : هو اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون ، فقال صلى الله عليه وسلم: (نحن أحق منكم بموسى) فصامه، وأمر بصيامه تقريرا لتعظيمه وتأكيدًا.

وقد وقف العلماء وقفة يسيرة عن سبب صيام يوم عاشوراء وقالوا في هذا إنه من باب شكر الله على الأعمال والأحداث الصالحة بالصيام فالصيام إحدى الوسائل لشكر الله تعالى ففي الحديث مشروعيَّة شكر الله تعالى بالصَّومِ لمَن حَصَلَ له خَير من تفريج كرب، أو تيسيِر تعسير.

كما وقف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم "نحن أحق بموسى منهم" وقفة فما معنى هذه الجملة النبوية إنها لتدل على مدى الترابط بين الأنبياء وأن رسالتهما لتوحيد الله تعالى وترك عبادة من سواه واحدة فهما أخوان في النبوة  وأنه صلى الله عليه وسلم أطوع للحق فإن كان هؤلاء يصومونه شكرا وتعظيما لله فنحن أولى بالشكر وتعظيم اليوم الذي نجى الله في نبينا موسى عليه السلام فيه ولذلك صامه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَمَرَ المسلِمين بصِيَامِه؛ لأنَّنا -نَحنُ المسلِمينَ- أوْلَى بِحبِّ مُوسى عليه السَّلامُ ومُوافقَتِه مِنَ اليهودِ، الذين بدلوا شريعته  وحرفوا رسالته.

كما ذكر القرطبي في حكمة صيام هذا اليوم ومعنى نحن أحق بموسى منهم قوله: " ويمكن أن يقال: أذن الله تعالى له في صيامه، فلما قدم المدينة وجد اليهود يصومونه، فسألهم عن الحامل لهم على صومه؟ فقالوا ما ذكره ابن عباس: إنه يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرَّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فنحن أحق وأولى بموسى منكم).

وغن كان الرسول يشكر الله بالصيام في هذا اليوم يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من المحرم فإنه يشكر الله بطريقة مختلفة عن اليهود فقال لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر مخالفة لليهود، كما في صَحيحِ مُسلِمٍ، وقدْ ثبَت في صَحيحِ مُسلِمٍ مِن حَديثِ أبي قَتادةَ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ صِيامَه يُكفِّرُ ذُنوبَ السَّنَةَ التي قَبْلَه.