كان القدر المتاح للانتقاد في عهد الخلفاء الراشدين كبيرا ومختلفا في كل أنواع الحياة.
وكان للصحابة والرعية من كل الفئات العمرية لهم توجيه النقد في أصعب المواقف، حتى لو كان الخليفة على المنبر.
1بعث إلى عمر بحلل فقسمها فأصاب كل رجل ثوب فصعد المنبر وعليه حلّة، والحلة ثوبان، فقال: أيها الناس ألا تسمعون؟
فقال سليمان: لا نسمع. قال: ولم يا أبا عبد الله؟ قال: لأنك قسمت علينا ثوبا ثوبا وعليك حلة.
قال: لا تعجل يا أبا عبد الله. ثم نادى: يا عبد الله، فلم يجبه أحد، فقال: يا عبد الله بن عمر.. قال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال:
نشدتك بالله. الثوب الذي ائتزرت به هو ثوبك؟ قال: اللهم نعم. فقال سليمان رضي الله عنه: أما الآن فقل نسمع.
2- لما أتي عمر بتاج كسرى وسواريه جعل يقلبه بعود في يده ويقول: والله إن الذي أدى إلينا هذا لأمين، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أنت أمين الله يؤدون إليك ما أديت إلى الله فإذا رتعت رتعوا. قال: صدقت.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟عمر مع ولاته:
1-كان عمر بن الخطاب إذا بعث عاملا يشترط عليه أربعا: ألا يركب البراذين – الفاره من الدواب- ، ولا يلبس الرقيق، ولا يأكل النقيء، ولا يتخذ بوّابا.. ومر ببناء يبني بحجارة وجص فقال: لمن هذا؟
فذكروا عاملا له على البحرين فقال: «أبت الدراهم إلا أن تخرج أعناقها» وشاطره ماله.
وكان يقول: «لي على كل خائن أمينان: الماء والطين» .
2- وذكر ابن سيرين لما قدم أبو هريرة من البحرين قال له عمر: يا عدو الله وعدو كتابه، أسرقت مال الله؟ قال أبو هريرة: لست بعدو الله ولا عدو كتابه ولكني عدو من عاداهما ولم أسرق مال الله.
قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف درهم؟ قال: خيلي تناسلت وعطائي تلاحق وسهامي تتابعت فقبضتها منه.
قال أبو هريرة: فلما صليت الصبح استغفرت لأمير المؤمنين ثم قال لي عمر بعد ذلك: ألا تعمل؟ فقلت: لا.
قال: قد عمل من هو خير منك، يوسف. فقلت: يوسف نبي ابن نبي وأنا ابن أميمة أخشى ثلاثا واثنتين.
قال: فهلا قلت خمسا؟ قلت: أخشى أن أقول بغير علم، وأحكم بغير حلم، وأخشى أن يضرب ظهري، ويشتم عرضي، وينزع مالي.
3- وذكر أعرابي رجلا خائنا فقال: إن الناس يأكلون أماناتهم لقما وإن فلانا يحسوها حسوا.
4- وقال بعض السلاطين لعامل له: «كل قليلا تعمل طويلا والزم العفاف يلزمك العمل، وإياك والرشو يشتد ظهرك عند الخصام».