عزيزي المسلم، لتعلم جيدًا أنه من ظن أن الباطل سينتصر على الحق فقد أساء الظن بالله .. ومن ثم بات علينا أن نميز الحق من الباطل حتى لا يختلط علينا الحق بالباطل، وقد يطول انتظارنا لنصرة الله للحق ونفاجأ بأن الله نصر الباطل.
والحقيقة أن الله نصر الحق الذي يعلم الله أنه حق ولم ينصر الحق الذي هو في أذهاننا أنه حق، فالعفل قد يرى الأشياء على غير حقيقتها، فيظن الحق باطلاً والباطل حقًا.
لذلك من دعاء الصالحين (اللهم أرنا الحق حقًا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه) ، فقد يُقدر الله على عبد أن يرى الباطل حقًا، أو الحق باطلًا لحكمة يريدها، قال تعالى: «أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ» (فاطر: 8).
الباطل الإله
أيضًا للأسف هناك من يضع هواه كأنه الحق الأصيل، فيعيش في وهم الباطل كثيرًا، قال تعالى: «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» (الجاثية: 23)، ولكن الله عصم هذه الأمة من أن تجتمع على ضلالة، لكن هناك من يضل نفسه بهواه بغير علم.
ولذلك ليعلم الجميع أن الله تعالى هو الذي يوفق العبد إلى الهداية، أو يزيغه إلى الضلال، قال الله تعالى: «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا» (النساء:66-67-68)، وكأنه سبحانه يتعجب من سير الإنسان وراء هواه، حتى يضل، رغم أن هدى الله واضحًا وضوح الشمس.
إياك والهوى
اتباع الهوى بالأساس حمل تحذيرًا كبيرًا من الله عز وجل في كتابه الكريم، فقال تعالى: «وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ» (ص:26)، كما أنه وجه لنبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، تحذيرا من اتباع هواه، رغم أنه لا ينطق عن الهوى، وأنه خير الآنام صلى الله عليه وسلم.
فقال تعالى له: «ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ * هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» (الجاثية:18ـ21).
إذن احذر أن تبع أهواءك عزيزي المسلم، فالأمر جلل، وحاول أن تراجع نفسك سريعًا.