ومن الأخلاق الكريمة التي شجع عليها الإسلام وحث عليها خلق اللين والرفق، وهو أن تتعامل بحسن خلق وتجنح للسلم في الأمور وتحسن لمن أساء وتحتمل أذاه وترفق به في كل موضع سواء كنت أعلى منه مكانة  أو أقل منه درجة، وفي الحديث الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، وفي الحديث: ( إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله ) رواه البخاري. كما نحظى بعون الله عز وجل يقول رسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله رفيق يحب الرفق، ويرضاه، ويعين عليه ما لا يعين على العنف ... )، والمسلم ينال باللين ما لا يناله بالغلظة والشدة، كما في الحديث: (حُرِّم على النار : كل هيّن ليّن سهل، قريب من الناس).

واللين هو عكس الغلظة التي يلقيها الشيطان في صدور البعض فكثيرا ما يحرش الشيطان في الصدور، حتى في لحظة القيام للصلاة، وتسوية الإمام للصفوف، بتأخير هذا وتقديم ذاك إلى أن يستقيم الصف، وقد كان من وصيته صلى الله عليه وسلم قبل الدخول في الصلاة: (.. ولينوا في أيدي إخوانكم...)؛ لأن إقامة الصفوف وسد الخلل تقتضيان الاستجابة وعدم المعاندة والجدال الذي يقع فيه البعض.

كيف يمكن تحقيق اللين والرفق:

ومن أسهل الطرق لاكتساب اللين والرفق هو التعرف أولا على فضل الخلق والوقوف على ثوابه ومكانته كذا التعرف على هذا الخلق في معاملات الأنبياء والصالحين من اسلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

كما يمكن تكتسب هذا الخلق الجميل بتكلف السلوكيات اللينة التي قد تكون مدخلا إلى اكتساب اللين القلبي، فقد شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له : ( إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم ) .

ولا يمكن أن نتصور أن نترك الناس يفعلون المنكر دون إنكار بدعوى اللين والرفق بهم إنما اللين في الأسلوب حيث يغني اللين ويحقق الغرض، وذلك باستنفاد جميع الوسائل الممكنة التي تضمن الاستجابة، ولا تستعدي الآخرين ففي البخاري ورد قصة الرجل الذي جامع أهله في نهار رمضان، كيف عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً من الخيارات للتكفير عن ذنبه فقال له : ( هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال لا، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال :لا قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا ) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم تمر، فأعطاه للرجل، وقال له : ( خذ هذا فتصدق به فقال الرجل : على أفقر مني يا رسول الله، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال : أطعمه أهلك ).

واللين إن تفكرته هو من الرحمة والرحمة منه ولذا محد الله نبيه بها فاللين صورة من صور الرحمة يضعها الله في قلب العبد، قال تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، وذل ورد في الحديث: " الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى . ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".

ومن يتأمل اللين في حياة النبي يجده سائدا حتى مع الأطفال والغلمان ولذا قال عليه الصلاة والسلام : (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا )، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: (من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة) (حسنه الألباني) .

ولقد حث على هذا في جميع العلاقات لا سيما الاجتماعية والأسرية لأن هذا يؤدي إلى الاستقرار ففي الحديث:( إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق ) . رواه أحمد.