رسول الله صلي الله عليه وسلم رغم مقامه الرفيع والعالي كأفضل خلق الله وأفضل من طلعت عليه الشمس ولكنه يبقي مع هذا المقام الرفيع النبي كغيره من البشر، يحزن ويفرح ويبكي، ويغضب بشدة إذ انتهكت محارم الله ويبكي حال فقد عزيز غال أو مرض مقربين منه
وقد رصدت كتب السيرة النبوية رصدت عديد من المواقف التي بكي التي بكى فيها رسول الله؛ لنعرف لماذا كان بكاء النبي وكيف كانت هيئة هذا البكاء وحدوده المتقيدة بشرع الله الحنيف من أجل ان يدرك المسلمون ظروف هذا البكاء وكيفية عدم مخالفته للشرع وكيف كرس هذا البكاء الطابع البشري رغم ان النبي هو افضل الخلق.
اﻟـﻤﻮﺍقف ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻜﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ظهرت في غزوة أحد عند مقتل عمه واسد الله حمزة بن عبدالمطلب علي يد الصحابي الجليل وحشي بن حرب الحبشي"، غلامُ جبير بن مطعم، وقد مثَّل به المشركون، وشقوا بطنه؛ لفرط غيظهم منه، مما نكل بهم، أما ما ورد من استخراج هند بنت عتبة - التي أسلمت يوم فتح مكة، بعد إسلام زوجها أي سفيان - لكبده، وعدم استساغتها إياها، فليس صحيحًا.
بعد انتهاء القتال في "أُحد"، خرج النبي يلتمس حمزةَ، فوجده قد مُثِّل به، فتأثر لذلك، وبكى. أخرج أحمد بن حنبل، عن ابن عمر، قال: "رجع رسول اللّه، من أُحُد، فجعلت نساء الأنصار يبكين على مَن قُتل من أزواجهنّ، فقال الرسول: "لكن حمزةَ لا بواكي له". قال الواقدي: "فلم تبك امرأة من الأنصار على ميّت بعد قول رسول الله إلا بدأت بالبكاء على حمزة".
وكذلك بكي النبي عن استشهاد ابن عمه واكثر الناس شبها به جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤته بعد مقتل حمزة بنحو خمس سنوات،. وكان قد أسلم ثم هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، يوم فتح خيبر، في السنة السابعة، فأقام بها أشهرًا، ثم أَمَّرَهُ رسول الله، على الجيش بغزوة أو سرية مؤتة (جنوب الأردن) في السنة التالية (الثامنة)، وأسند إليه قيادة الجيش، بعد زيد بن حارثة
بل وحزن النبي حزنا شديدا لوفاة جعفر حُزنًا بليغًا. وقالت عائشةُ: "لما جاءت وفاة جعفر؛ عرفنا في وجه النبي الحزن". وذكرت روايات أن فاطمة دخلت، وهي تبكي، وتقول: "واعمّاه"، فبكى الرسول، وقال: "عَلَى مثل جَعْفَرَ فلتبكْ البواكي".
ثالث المواقف التي أبكت النبي كان وفاة ابنه إبراهيم حيث ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكى على ابنه إبراهيم دون رفع صوت، وقال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون.
ووافق موته كسوف الشمس، فقال قوم: "إن الشمس انكسفت لموته"، فخطبهم رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله عز وجل والصلاة وقال صلى الله عليه وآله وسلم حين توفي ابنه إبراهيم: إن له مرضعًا في الجنة تتم رضاعه.
رابع المواقف التي أبكت النبي ﻋﻨﺪ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭ ﺣﻔﻴﺪﺗﻪ "ﺃُﻣﺎﻣﺔ بنت أبي العاص حيث بكي النبي بكاء شديدا في اعلان عن المكانة الكبيرة التي كانت تحظي بها حفيدته ونجلة ابنته الكبري زينب.
وكذلك بكي النبي بكاء شديدا عن زيارة قبر امه آمنة بنت وهب وظهر عليه التأثر الشديد لدرجة انه ابكي من حوله حتي ابتلت لحيتهم
ومن المواقف التي ابكت النبي عن زيارة قبر احد الصحابة حيث بكى الرسول عليه الصلاة والسلام، حينما وقف على شفير قبر أحد الصحابة في جنازته،
وومن المثير جدا ان النبي بكي بكاء شديدة عندما وجد الصحابي الجليل مصعب بن عمير يرتدي عباءة مرقعة حيث وروى الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "إنا لجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، إذ طلع علينا مصعب بن عمير وما عليه إلا بردة مرقومة بفرو، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى للذي كان فيه من النعمة والذي هو فيه اليوم، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلة، ووضعت بين يديه صحفة ورفعت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة، قالوا: يا رسول الله، نحن يومئذ خير منا اليوم نتفرغ للعبادة ونكفى المؤنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير منكم يومئذ".
وكذلك بكي النبي صلي الله عليه وسلم عندما أنزل الله سبحانه وتعالى وقتئذ الأية 68 من سورة الأنفال « لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌحيث بدا علي النبي صلي الله عليه الحزن الشديدة والخوف من العذاب رغم ان الله تعالي غفر له ما تقدم م ذنبه وما تأخر
من المواقف التي كان النبي معتادا علي البكاء خلالها عندما يصلي حيث ﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺻﻠﻰ ﺳُﻤﻊ ﻣﻦ ﺻﺪﺭﻩ ﺃﺯﻳﺰ ﻛﺄﺯﻳﺰ ﺍﻟﻤﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒُﻜﺎﺀ ان صلى الله عليه وسلم يبكي في صلاته؛ حيث مناجاته لربه سبحانه، ومما حفظ من بكائه في صلاته ما رواه عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنَ الْبُكَاءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه أبو داود.
اقرأ أيضا:
"أعظم القصص" أخرجت "أعظم رسالة" إلى البشريةومن بكائه في صلاة الليل ما أخبرت به عائشة رضي الله عنها قالت: «لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي، قَالَ: يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي، قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ، قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ...» صححه ابن حبان
سماع القرآن الكريم كان من المواقف التي كانت تبكي النبي حيث ﺑﻜﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ ﻟﻤﺎ ﻗﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ وهذا رواه ابن مَسعودٍ - رضي اللَّه عنه – قالَ : قال لي النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "اقْرَأْ علَّي القُرآنَ" قلتُ : يا رسُولَ اللَّه، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟، قالَ: "إِني أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي "فقرَأْتُ عليه سورَةَ النِّساء، حتى جِئْتُ إلى هذِهِ الآية: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّة بِشَهيد وِجئْنا بِكَ عَلى هَؤلاءِ شَهِيداً}.. [النساء :40 ] قال "حَسْبُكَ الآن" فَالْتَفَتَّ إِليْهِ، فَإِذَا عِيْناهُ تَذْرِفانِ.. (البخاري 4763)، و(مسلم 800).
يقول بن بطال: كان بكاء النبي لهذه الآية لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن