عزيزي المسلم، يا من يشغلك نزول القبر، وتخشى الله وعذابه في هذا المكان الموحش المظلم، أتريد أن تطفئ عن نفسك حر القبور، عليك إذن بالصدقة، فإنها تطفئ حر القبور.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «إن الصدقة لتُطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته»، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا على الصدقة، وبين أن للعبد في ذلك أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً عند الله سبحانه وتعالى، بل إن الله يتقبل الصدقة فيربيها بيمينه كما يربي أحدنا فلوه حتى تكون مثل الجبل أو أعظم، والعبد يكون في ظل صدقته يوم القيامة، ووعد الله أنه لا ينقص مالاً من صدقة، بل أصل البركة والسعة في الرزق هو الإحسان إلى الفقراء والمساكين.
النجاة والفوز
في الصدقة نجاة من النار، والفوز بالجنة، بل والتقرب إلى الرحمن في الدنيا.
عن سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وقال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار».
من أراد أن يطفئ غضب الرب عليه بالصدقة لاشك في ذلك، بل أن المرء المسلم يعيش في ظل صدقته حتى يوم القيامة، مصداقًا للحديث الذرواه سيدنا عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس»، فيوم القيامة هو يوم مقداره خمسون ألف سنة، فالشمس تدنو من الرءوس حتى ما يبقى إلا قدر ميل، فتكون فوق الرأس مباشرة، فمن سيظلل العبد من هذه الشمس يوم القيامة؟ فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة ستظللك من هذه الشمس يوم القيامة، ذلك اليوم الطويل الذي قدره خمسون ألف سنة.
اقرأ أيضا:
سلم أمرك لله.. كل شيء يحدث في أرض الله بمقدور اللهلا تستخف بالصدقة
عزيزي المسلم إياك أن تستخف بالصدقة، ففيها كل الخير، فهي وقاية من النار ولو كانت قليلة زهيدة، لقوله صلى الله عليه وسلم : «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ»، كما أنها دواء للأمراض فمن كان به مرض، أو بأحد أقربائه وأحبائه، ثم تصدق بنية الشفاء من هذا المرض، شفاه الله عز وجل.
وهو ما أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «داووا مرضاكم بالصدقة»، فضلا عن أنها تصل بصاحبها إلى مقام نيل حقيقة البر، قال تعالى: « لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ » (آل عمران: 92).