مسايرة الملوك في مواكبهم له بروتوكولات وآداب لا يجب لأحد أن يتخطاها، وقد كان من أكبر ما نقمه أبو جعفر المنصور على أبي مسلم الخراساني أنه كان يتخطاه في موكبه ويتقدم عليه.
بروتوكولات:
1-من حق الملك أن لا يبتدئه أحد بمسايرة، وإن طلب ذلك منه من يستحق المسايرة، فالذي يجزئه من ذلك أن يقف بحيث يراه ويتصدى له.
2- فإن أومأ إليه، سايره، وإن أمسك عن الإيماء، علم أن إمساكه هو ترك الإذن له في مسايرته.
3- ومن حقه، إذا سايره، أن لا يمس ثوبه ثوب الملك، ولا يدني دابته من دابته، ويتوخى أن يكون رأس دابته بإزاء سرج الملك، غير أنه لا يكلفه أن يلتفت إليه، ولا ينبغي له أن يبتدئه بكلام.
4- وإن كان لا يثق بحبل عنان دابته حتى يصرفه كيف شاء ومتى شاء، فالرأي لا أن لا يسايره، فإن في مسايرته وصمةً عليه وعلى الملك.
اظهار أخبار متعلقة
حكايات غريبة:
وفيما يحكى عن ملوك الأعاجم أن قباذ من ملوك الفرس، بينما يسير مع أحد أمرائه، إذ راثت دابة الأمير، وفطن لذلك قباذ، فاغتم الأمير بذلك.
فقال له في كلام بينهما: ما أول ما يستدل به على سخف الرجل، أيها الأمير؟ فقال: أن يعلف دابته في الليلة التي يركب في صبيحتها الملك.
فضحك قباذ حتى كشفت نواجذه، وقال: لله أنت، ما أحسن ما ضمنت كلامك بفعل دابتك، وبحق ما قدمك الملوك، وجعلوا أزمة أحكامهم في يدك.
ثم وقف، ثم دعا بدابة من خاص مراكبه، فقال له: تحول عن ظهر هذا الجاني عليك إلى ظهر هذا الطائع لك.
مسايرة شرحبيل لمعاوية:
كما حكى عن معاوية بن أبي سفيان، بينما هو يسير وشرحبيل ابن السمط يسايره، إذ تعثرت دابة شرحبيل؛ فقال معاوية: يا أبا يزيد! إنه يقال إن الهامة إذا عظمت، دلت على وفور الدماغ، وصحة العقل.
قال: نعم، يا أمير المؤمنين، إلا هامتي فإنها عظيمة، وعقلي ضعيف ناقص.
فتبسم معاوية، وقال: كيف ذلك، ولله أنت! قال: لإطعامي هذا النائل أمه البارحة مكوكي شعير.
فضحك معاوية، وقال: أفحشت، وما كنت فاحشاً! وحمله على دابة من مراكبه.