الحضارة الإسلامية هي أعظم الحضارات التي عرفتها البشرية على مر العصور، ولمّ ولا وهي التي هي قدمت للعلم مشروعات لازالت تبهر العالم أجمع، بل ويعود إليها العالم أجمع للتعرف على أساس العلوم، إذ لا يمكن أن ينسى العالم ابن حيان والفارابي والإدريسي وابن الهيثم، وغيرهم المئات ممن أثروا الحياة في كل توجهاتها.
لكن ما هو المصدر الرئيسي الذي اعتمد عليه كل هؤلاء؟، هو كتاب واحد بنت عليه الحضارة الإسلامية كل مفاهيمها وتفوقها وعلمها، وهو لا شك القرآن الكريم، فقد بنيت حضارة الإسلام على كتاب هو القرآن الكريم جعلته محورًا لها، ومعنى كون الكتاب محورا أن منه المنطلق وإليه المرجع وبه التقويم وله الخدمة.
رؤية الكون
بجعل القرآن الكريم هو المرجعية الوحيدة في كل العلوم، منح علماء الإسلام رؤية خاصة جعلتهم يتفوقون في شتى المجالات، بل ويكون لهم الفضل في إبداع شتى العلوم الحياتية حتى الآن، فأول من ابتدع علوم الجبر والحساب والفلك هم علماء المسلمين، ومن ثم فإن اعتماد هؤلاء العلماء على القرآن الكريم، لاشك ترك أثرًا كبيرًا في تصنيف العلوم عندهم بل في رؤيتهم للكون والإنسان والحياة وما قبل ذلك وما سيكون بعد الموت.
إذ نجد كل ذلك مسطورًا في العقيدة الإسلامية وفي كتب علماء الإسلام عبر القرون وهم يتكلمون عن: (كتاب الله المسطور (القرآن).. وكتاب الله المنظور (الكون).. وكتاب الله المقدور (الإنسان) ، فنجد أن أهل الفكر في كل الحضارات يحرصون على جمع الكتب المكونة للفكر.
فنرى اهتمام الغرب بجمع تلك الكتب في موسوعة The great books الصادرة عن مؤسسة موسوعة Britannica والتي تجمع الكتب الني أنشأت الفكر الغربي وأثرت فيه، لكن كتابنا هذا (القرآن الكريم) حفظه الله لنا من فوق سبع سموات، قال تعالى: « إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون».
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسناتاستنباط الهمم
لذا على جميع المسلمين، استنباط الهمم والعلوم من هذا الكتاب العظيم، لأنه لاشك (السورس) والأساس الذي يمكن من خلاله ابتكار كل شيء، والوصول لشتى الحقائق العلمية، لأنه يتضمن منهجًا يصلح كمقرر لجميع المناهج والعلوم، وعلى مر الزمان.
فهو كتاب يتجاوز الزمان والمكان والأشخاص والأحوال ولا يقف عند المسائل الزمنية التي كانت مرتبطة بعصرها بل يتضمن كل الطرق الفكرية لتحصيل المقاصد العُليا والمصالح المرعية ولمراعاة المآلات والنتائج، فهلا أفاق المسلمون وعادوا إلى كتابهم، وعلموا يقينًا أنه من خلاله وفقط يمكنهم تصدر المشهد العالمي مجددًا.