أخبار

من البكاء إلى العمل.. 6 أسباب مفاجئة للربو لم تسمع عنها من قبل

علامات في الساقين تنذر بارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.. احذر تجاهلها

"إن كان قال فقد صدق" قالها أبو بكر ولزمها الصحابة.. هكذا كانوا يتعاملون مع رسول الله

تعرف على هدي النبي في تربية الأبناء

أفضل ما تدعو به للحصول على عمل وتيسير الرزق

رأيت النبي ودعا لي بالجنة وسعة الرزق؟

في قصة أصحاب الأخدود.. اعمل الخير وانتصر للحق واترك النتيجة على الله

الدعاء هو الحبل المدود بين السماء والأرض.. حصن نفسك بهذه الأدعية الجامعة

هل يجوز الذكر والدعاء عند الركوع أو السجود بغير المأثور في الصلاة؟

كان عندي حسن ظن كبير في ربنا لكن صُدمت بالواقع ماذا أفعل؟.. د. عمرو خالد يجيب

"وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله".. هل المنتحر والمقتول ينطبق عليهما هذا الحكم؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | أنس محمد | الاثنين 27 سبتمبر 2021 - 08:22 ص


{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ۗ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} (آل عمران: 145)

 يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:

وساعة تسمع " ما كان " أي " ما ينبغي ". فنحن في حياتنا نقول: ما كان لك أن تضرب زيدا، ونقصد أنه ما ينبغي أن تضرب زيدا. فقوله: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } هذا القول قد يدفع إلى التساؤل: وهل الموت أمر اختياري؟ لا، ولكن تعبير الحق سبحانه له إيحاء؛ لأنك عندما تقول: ما كان لفلان أن يفعل كذا، فهذا معناه أن لفلان أن يختار أن يفعل ذلك أو لا يفعله، وفي قدرة فلان أن يفعل أو لا يفعل. أما عن قدرة الله فلا يمكن أن يقول أحد ذلك.

إننا نفهمه على فرض أن النفس تدفع نفسها إلى موارد التهلكة، فما لها أن تموت إلا أن بأذن الله. فإذا كانت النفس هي التي تدفع نفسها إلى موارد التهلكة، ومع ذلك لا تملك أن تموت، فكيف إذا لم تدفع نفسها إلى موارد التهلكة. إذن فالموت إن أرادته النفس فلن يأتي إلا أن يكون الله قد أذن بذلك. وإننا نجد في واقع الحياة صورا شتى من هذه الصور.

نجد من يضيق ذرعا بهذه الحياة؛ لأن طاقته الإيمانية لا تتسع للبلاء والكد في الدنيا فينتحر، إنه يريد أن يفر مما لا يقدر على دفع أسبابه. أما الذي يملك الطاقة الإيمانية الرحبة فأي شقاء أو بلاء يقابله يقول: إن لي ربا، وما أجراه عليّ ربي فهو المربي الحكيم الذي يعرف مصلحتي أكثر مما أعلم، ولعل هذا البلاء كفارة لي عن ذنب.

مشيئة الله في إنقاذ المنتحر

وهذا عكس من يفر مما لا يقدر على دفع أسبابه، فيحاول أن يقتل نفسه، وكل منا قد رأى أو سمع عن بعض الذين يريدون ذلك لكن يتم إنقاذهم ويدركهم من ينفذ مشيئة الله في إنقاذهم، كغسيل المعدة لمن ابتلع أقراصا سامة، أو إطفاء حريق من أشعل في نفسه النار. فالمنتحر يريد لنفسه الموت ولكن الله إذا لم يأذن، فلا يبلغه الله هذا، فقد تجد مُنتحرا يريد أن يطلق على نفسه رصاصة من مسدس فلا تنطلق الرصاصة، أو تجد منتحرا آخر يريد أن يشنق نفسه بحبل معلق في السقف فينقطع الحبل، لماذا؟ لا يقبض الحياة إلا من وَهَب الحياة.

الشخص المقتول

قد يقول قائل: ولكن هناك المقتول الذي يقتله إنسان آخر. وهنا يرد المثل الشعبي: لو صبر القاتل على المقتول لمات بمفرده، إن اللحظة التي تفارق الروح مادة الجسد موقوتة بأجل محدود، فمرة تأتي اللحظة بدون سبب، فيموت الإنسان حتف أنفه، ويقول أصدقاؤه: لقد كان معنا منذ قليل. إنهم ينسون أنه مات لأنه يموت بكتاب مؤجل.

ولذلك نجد إنسانا يسعى إلى عافية الحياة، فيذهب إلى إجراء جراحة ما، وأثناء إجراء الجراحة يموت.ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين يقول في ذلك:

في الموت ما أعيا وفي أسبابه              كل امرئ رهن بطيِّ كتابه

أسد لعمرك من يموت بظفره         عند اللقاء كمن يموت بنابه

إن نام عنك فكل طب نافع          أو لم ينم فالطب من أذنابه

إن الكتاب إذا انطوى فقد انتهى الأمر، حتى عندما يلتقي الإنسان بأسد، فيستوي الموت بالناب، كالموت بظفر الأسد. فإن نام الموت عن الإنسان فقد يشفيه من أمراضه قرص دواء أو جرعة ماء. أما إن استيقظ الموت فالطب والعلاج قد يكون ذَنَبَاً أو أداة للموت، والقاتل كل ما فعله أنه نقض بنْية المقتول، وهذا هو ما يعاقب عليه.


الكتاب المؤجل

إذن فقول الحق: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً } يطلق قضية عامة. والكتاب المؤجل يطلق مرة على زمن العمر كله، ومرة يطلق على النهاية النهائية منه، والنهاية النهائية هي الموت الحقيقي. فالقاتل حين ينقض بنية القتيل إنما يوافق الأجل المكتوب الذي أراده الله. لكن لماذا نعاقب القاتل إذن؟ نحن نعاقبه لأنه نقض بنية إنسان آخر.

والحق يقول: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً }. ولنلحظ قوله: { بِإِذْنِ الله } فهي تدلنا على أن الله هو الذي يطلق الإذن. والإذن يكون للملائكة ليقوموا بهذه المسألة، ولذلك نجد القرآن الكريم حين يتعرض لهذه المسألة يسند مرة هذه العملية لله فيقول سبحانه:

{  ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }[الزمر: 42]

ومرة أخرى يسند القرآن هذه العملية لِملَكٍ واحد: {  قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } [السجدة: 11]

ومرة يسندها الحق سبحانه إلى رسل من المعاونين لملك الموت: {  وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } [الأنعام: 61]

والحق سبحانه وتعالى صادق في كل بلاغ عنه؛ لأن كل أمر يحدد الأجل ليس بمراد الموكَّل بإنهاء الأجل، إنما هو بإذن من الله تعالى الذي يحدد ذلك. وما دام كل أمر قد صدر منه فهو سبحانه الذي يتوفى الأنفس، وبعد ذلك فالملك الذي يتوفى الأنفس - عزرائيل - له أعوان؛ فهو عندما يتلقى الأمر من الله فهو ينقل الأوامر إلى أعوانه ليباشر كل واحد مهمته. إذن فصيرورة الأمر بالموت نهائيا إلى الله.

وصيرورة الأمر بالموت إلى الملائكة ببلاغ من الله، هذا هو الإذن، والإذن يقتضي مأذونا، والمأذون هم ملائكة الموت الذين أذن لهم ملك الموت بذلك، وملك الموت تلقي الإذن من الله سبحانه وتعالى.

جزاء الدنيا

ويقول الحق من بعد ذلك: { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } فالذي يريد جزاء الدنيا وهو الذي يطلب جزاء حركته فيها، يأخذها، ولو كان كافرا: {  مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } [الإسراء: 18]

ويقول سبحانه وتعالى في موضع آخر من القرآن الكريم: {  مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [الشورى: 20]

وهذا ينهي عملية أن تقول: إن الكفار حالتهم أفضل من حالتنا، الكفار متقدمون؛ ونحن متخلفون. وهل لم تأت فترة كان فيها المؤمنون متقدمين جدا؟ لقد جاءت فترة تقدم فيها المؤمنون، وكانوا متقدمين لألف سنة، وهم الدولة الأولى في العالم. وكان الكفار يسمون زمانهم ودولهم بأنها تحيا في عصور الظلمات. لماذا أنكرتم هذه!؟ لان التاريخ جاء لنا من ناحية هؤلاء وقد شوهوه، ولذلك نقول لهم: نحن كنا متقدمين وأنتم والتاريخ يشهد بذلك.

الأخذ بالأسباب

ولذلك قلنا: يجب على المؤمن بالله أن يكون غيورا على أسباب الله، فلا يدع أسباب الله للكافر بالله، أيأخذ الكافر بأسباب الله وأنت يا مؤمن بالله تترك الأسباب ليأخذها هو!؟ لا؛ لأن من يعبد الله أولى بسرِّه في الوجود، فكوننا نتركهم يأخذون الأسرار العلمية ولا ننافسهم في هذا المجال هذا تقصير منا.

{ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّاكِرِينَ } ونلحظ أن الحق قد جاء بلفظ { ٱلشَّاكِرِينَ } مرتين، والقرآن يؤكد هذا المعنى. إنه سبحانه أعطاكم أسبابا فإن كانت الأسباب قد جاءت لكم بمسائل الدنيا فهي تستحق الشكر، وإن كانت ستعطيكم تكليفا مع الأسباب فهذا التكليف سيعطيكم خير الآخرة، وهو أمر يستحق الشكر أيضا.

وبعد هذا الكلام النظري { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً }.. يقول ما يؤكد وجوده في موكب الإيمان الذي سبقكم؛ لأن فيه فرقا بين الكلام وبين أن يقع مدلول الكلام، فواقع الكلام سبقكم فيقول: { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ... }

اقرأ أيضا:

كيف رد الله على الكافرين حين طلبوا النصر؟ وما مصير كل جبار في الأرض؟ (الشعراوي يجيب)

https://www.youtube.com/watch?v=yYz5OeCUmok


الكلمات المفتاحية

حكم المنتحر هل المنتحر كافر وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله }

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ۗ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَا