يتساءل أحدهم: (أليس الله معنا في كل وقت وحين.. فلمّ نصلي إذن ؟)، نحن لا نصلي لنكون مع الله ، بل نصلي لأن الذي معنا قال لنا صلوا ، وكما قال لنا صلوا قال للنساء في أوقات معينة لا تصلوا ، فالمعية لا علاقة لها بالصلاة.
كل سبب وراءه سبب مهما ظهرت من حكمة وراءه حكمة أعظم لا تصل إليها العقول لذلك قال الله مخبرًا عن عظيم حكمته التي تخفى غالبا : (حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ۖ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ) ، وأعظم حكمة لو خفية كل حكمة هي أن تظهر محبتنا للمحبوب في فعل ما خفية حكمته عن المحب فإن المحبة تظهر في فعل ما لا تقتنع به العقول.
لذلك قال الله لنا في أول كتابه (الذين يؤمنون بالغيب) أي بكل ما غاب عنهم فيكون دليل حبهم ، ومن جرب الحب عرف معنى هذا القول ، ومن لم يجرب الحب فما عليه إلا أن يسلك طريق الحب ، ولذلك فقد نبهنا الله إلى كثرة وقوع هذا فقال (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) لأنه يعلم أننا ستخفى علينا حِكم كثيرة سنسأل عنها.
هو يحبنا
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الله عز وجل يحبنا، انظر حولك لترى كم هو يحبنا حبًا جمًا، فكيف بنا لا نرد له هذا الحب، والرد يكون بتنفيذ أوامره، والبعد عن نواهيه، ومن ثم فإن أول أمر، هو الصلاة، فكيف بنا نتكاسل عن هذا الأمر، وهو الذي يبين مدى حبنا والتزامنا بأوامر الله ونواهيه؟.. فمَن غير الله ينعم على العباد كإنعامه؟ ومَن غيره تعالى يحسن إلى العباد كإحسانه؟. ومَن غيره يكشف البلوى؟ ومَن غيره يزيل الضر والأذى؟.
قال تعالى: « وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ » (النحل: 53)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ » (النمل: 62)، ومن ثم فإن محبة الله تعالى رأس الإيمان، وأساس العبودية لله جل وعلا، وقد أثنى الله بها على المؤمنين فقال سبحانه: « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ » (البقرة: 165).
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركةهنا المحبة
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن المحبة الحقيقية تظهر في فعل ما لا تقتنع به العقول، وبالتالي من استشعر على الدوام عظيم فضل الله عليه، عظم الله تعالى ما لا يعظم أحدا سواه، ومن تذكر كبير منة الله عليه، أحب الله تعالى ما لا يحب أحدا عداه.
قال تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ » (فاطر: 3)، فمن أحب الله تعالى، ذكره ذكرا كثيرا وسبحه بكرة وأصيلا، ومن أحب الله تعالى، أحب كلامه ما لا يحب كلام أحد سواه، وتلاه وتدبره ما لا يتلو ويتدبر كلام أحد عداه.