بقلم |
محمد جمال |
الجمعة 01 اكتوبر 2021 - 06:40 م
احتلت الأخلاق في الإسلام منزلة عظيمة فلا يتصور مسلم بلا أخلاق ومن أخلاق التى حرص عليها إسلام خلق الوفاء فهو خلق الأنبياء والمرسلين والصالحين.
من جانبه يبين د عادل هندي الأستاذ بجامعة الأزهر أنه لا يخفى على عاقلٍ أنَّ الله -تعالى- أمَر عبادَه المؤمنين بالوفاء بالعُقود، والوفاء بالعهود، مع المسلم وغير المسلم؛ وهذا هو دليل الإيمان الصحيح لا المزيف؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]. ويضيف أن العلماء أشاروا في الآية الكريمة يوضّح -وبجلاء- عموم الوفاء بالعقود في حياة الإنسان في كل جانب وفي كل ناحية ومع أي أحد، فوفاء العبد بعهده بينه وبين ربه وخالقه، وبينه وبين رسوله -صلى الله عليه وسلّم-، وبينه وبين نفسه التي بين جنبيه، وبينه وبين زوجه، وبينه وبين أبنائه، وبينه وبين دعوته ودينه، وبينه وبين غيره من مسلمين وغير مسلمين. ويذكر (هندي) أن الوفاء بالعهد صفة العظماء، أقوياء الشخصية، صادقوا الإيمان والإسلام، بل هو من أعزّ صفات المؤمنين المفلحين، قال تعالى: : ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون:١-٨].
إنّه ذلك الخُلُق القويم: ويوضح أن الأخلاق بصفة عامة والوفاء بصفة عامة مما يزيد من قوة الإيمان ويسمو بالنفس إلى مراقي الكمال. كما أنّه يدعم المحبة بين الناس ويزيد الثقة في الخلْق، وهو شعبة من شُعب الإيمان. لماذا الوفــــاء؟ ويضيف أن الوفاء من الأخلاق الأساسية لأسباب كثيرة منها: 1.لأنّه أمر الله تعالى لعموم الأُمّة، قال : {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34]. 2.إنه سمة من سمات الصالحين والمتقين، قال تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]. 3.عدم وجود الوفاء يدلّ على إشارات الخيانة والغدر والنفاق في المجتمع؛ فمجتمع بلا وفاء غابة يأكل فيها القوي الضعيف ويتنكّر فيها الغني للفقير والصحيح للمريض. لا سيّما وقد حذّرت الشريعة الإسلامية من الغدر، والغادِر ((ينصب له لواء يوم القيامة عند إسته فيقال هذه غدرة فلان)).. 4.لأنّه خُلق تخلّق به أنبياء الله تعالى، فقال سبحانه في حق إبراهيم الخليل: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37]، وقال في شأن ولده إسماعيل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} [مريم: 54]. 5.إنه من أخص خواص الرسول الحبيب ؛ فقد كان أكمل المؤمنين وفاءً، ولقد عظمت شخصية الرسول الحبيب في خلقه وسمته وسلوكه؛ ولم لا؟ وقد كان خُلُقه القرآن الكريم، وسلوكه هدي ربه العظيم، وكان أبر الناس بالناس، وأوفى الخلق مع الخلق والخالِق. وكان وفاؤه مع العدو قبل الحبيب القريب... فلم يغدر يومًا ولم يخُن، وما وقع منه يومًا إيماءة غدر أو خيانة.. ولعل شهادة رجل كافر كأبي سفيان -حين وقف أمام هرقل، فسأله: هل يغدر محمدٌ؟ قال: لا.. فقال هرقل: هكذا الرسل لا يغدرون. وسيتضح ذلك تفصيليًّا من وقفات خطبة اليوم بإذن الله تعالى.