من أسماء الله تعالى (المعز المذل)، فمتى إذن يذل الله العبد؟
لفظ المعز المذل تماما مثل :(القابض الباسط )، و(المعطي المانع) و(الظاهر الباطن )، و(النافع الضار )، و(المحيي المميت)، وهي صفات أفعال متقابلة تؤكد أن كل شيء يقع في الكون إنما هو بتصريف الله وحده، ومن ثم فإن معنى ضار ومذل ومميت وقابض هو معنى سالب عند البشر لأنه لا يعرفون إلا ما مارسوه، فيظنون أن الله يمتحن الناس وينتقم منهم ويستدرجهم، وكذلك يظنون أن الله يذل فلان لأنهم مارسوا إذلال الناس بأنفسهم، فظنوا أن الله إذا أوقف عز فلان أو صحة فلان أو غنى فلان فأن الله فعل به ضد ذلك.
لكن على الجميع أن يعي تمامًا أن الله سبحانه ليس كمثله شيء فالله ليس له عوارض نفسية تعتريه فيتغير على فلان ويذل فلان بعد ما أعزه ويمرضه بعد ما أصحه وإنما هذه معانينا نحن بحسب إدراكنا الذي لا يرتقي لإدراك من لا يدرك.
اظهار أخبار متعلقة
أجل الرزق
ومن ثم على الجميع أن يدرك، أن الله سبحانه وتعالى إذا رزق فلانا صحة أو غنى أو جاه أو عز فإنه يعطيها له إلى أجل ثم يتوقف هذا الرزق من الصحة أو الغنى أو الجاه أو العز ، وهذا التوقف للمدد الإلهي ليس سلبًا للصحة ولا المال ولا العز ولا الجاه ، وإنما هو انتهاء رزق في مرحلة هذه الدنيا ، تماما مثل المحيي المميت، فالذي أعطاه الحياة لم يسلبه إياها بل أوقف ما كان ينزل إليه من حياة، فسميناها نحن سلبًا وسميناها بحسب ادراكاتنا البشرية أخذ الله روحه بعد ما أعطاه الحياة.
في حديث البخاري عند موت إحدى حفيدات النبي الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى )، أي بيانًا أن ما ذهب هو ملك لله فيفعل فيه ما يشاء وبيان أن كل عطاء له أجل مسمى فلا تنزعجوا لذهابه وتظنوا بالله الظنون فتعتقدون باطلا أن الله غضب؛ ولذلك سلب ما أعطى لعبده من صحة أو غنى أو جاه أو عز أو حياة ونسمي ذلك بلاءًا او امتحانًا أو سلبًا أو غيرها من المسميات .
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركةالرضا والعطاء
ليس بالضرورة أن يكون عطاء الله لعبد ما ورائه رضا تام عنه، وكذلك ليس منع العطاء لعبد من عباد الله لأجل أنه غاضب عليه ، وكذلك ليس طول عُمْر أحدنا دليل على رضا الله عن هذا العبد، وكذلك ليس موت أحدنا في بداية عمره يعني غضب الله تعالى عليه.
فلا نقول قد سلب الله سيدنا يوسف بالسجن بعد أن كان طليقا ، وسلب سيدنا يعقوب ابنه سيدنا يوسف عليهما السلام بعد أن كان يتمتع به أو سلب سيدنا محمد صلوات الله عليه وعلى آله حريته فى الحركة بمكة فجعله في شِعب بني طالب ثلاث سنين لا يخرجون منه ويأكل أصحابه ورق الشجر ويعانون الجوع بعد النعيم الذي كانوا فيه ، وإنما هذا كله اسمه قضاء الله وقدره.