عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أنه ما أسهل "التناكة" وما أصعب التواضع، فمما لاشك فيه أن من يتكلم دون تواضع سيجد صعوبة في جعل كلماته مسموعة، لكن من تواضع لله رفعه، ومع ذلك فإن البعض أو قل كثير من الناس للأسف، تراه لا يتحدث إلا بالتناكة، وينسى أن الله لا يحب مثل هؤلاء، فالتواضع خلق من يرضى الله عليهم من عباده الصالحين.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هدى الله عبداً للإسلام، وحسَّن صورته، وجعله في موضع غير شائن له، ورزقه مع ذلك تواضعاً، فذلك من صفوة الله»، وقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تواضع العبد رفعه الله إلى السماء السابعة»، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة فتواضعوا يرحمكم الله».
خلق النبي التواضع
التواضع كان من أهم صفات نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يمنع أصحابه من القيام له، تواضعاً ورحمة منه.
ويروى عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على عصا، فقمنا له، قال: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يعظم بعضهم بعضاً»، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا» (الفرقان: 63).
وقد وصف الله عز وجل عباده الذين هداهم للإيمان فقال سبحانه: «أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ» (المائدة: 54)، إذن التواضع سمة المؤمنين، فإن كنت تتصور نفسك منهم فكن متواضعًا، وإن كنت -وليعاذ بالله- غير ذلك فأنت وما أنت عليه!.
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركةرأس التواضع
لكن كيف يكون التواضع، يكون بالمعاملة بالحسنى، وعدم الاغترار، فما أضر إبليس وأخرجه من رحمة ربه سوى الاغترار والعياذ بالله.
لكن كيف يتعلم المؤمن التواضع؟
يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ثلاث هن رأس التواضع: أن يبدأ بالسلام على من لقيه، ويرضى بالدون من شرف المجلس، ويكره الرياء والسمعة».
التواضع خلق كريم من أخلاق المؤمنين، ودليل محبة رب العالمين عز وجل، وهو الطريق الذي يوصل إلى مرضاة الله وإلى جنته، وهو عنوان سعادة العبد في الدنيا والآخرة، وهو السبيل الذي يقربك من الله تعالى، ويقربك من الناس.