يسأل أحدهم، هل معرفة الله مهمة ؟ .. وهل هناك خطوات لذلك؟.. بالتأكيد نعم، ومما لا يدع أي مجال للشك، فإن العبد يعرف ربه ولا يعلمه ذلك لأن العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً والله يقول عن نفسه: « لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » (الأنعام: 103).
يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في قوله: «والله إني أخشاكم وأتقاكم»، فلما كان صلى الله عليه وسلم أعلم بالله كان لله تعالى أتقى ومنه أخوف وله أرجى، وإنما كان بالله أعرف لما أنزل الله عليه من الكتاب والحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم وإلا فإنه لم ير ربه بعيني رأسه كما قال صلى الله عليه وسلم «رأيت نورا»، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا».
معرفة الله
معرفة الله تأتي من التفكر في خلق الله، ومن إتيان أوامره والبعد عن نواهيه، كما قال تعالى: « إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ » (آل عمران: 190، 191)، وذلكم لأن هذه المخلوقات براهين ساطعة ودلائل قاطعة على علم خالقها جل وعلا وحكمته وقدرته وعزته وفضله ورحمته ووجوب توحيده والإخلاص له في عبادته.
وأما الطريق الآخر الذي نصله الله تعالى دليلاً عليه وأمر عباده أن يعرفون به فهو التدبر لآياته الشرعية وأحكامه الدينية، قال تعالى: «قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ » (الشعراء: 96، 98).
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكمأساس الإيمان
معرفة الله تعالى هي أساس الإيمان به والتصديق برسله وما أرسلوا به وهي وسيلة التوحيد الذي هو حق الله على العبيد وهي تورث السكينة والطمأنينة، ومن ثم فإن من تدبر كتاب الله تعالى، وعمل به، ووقف عند حدوده، قاده ذلك لا محالة إلى معرفة الله سبحانه، وتعظيمه، والإخلاص إليه، وكره من كل قلبه الفسوق والعصيان.
وهنا تأمل هاتين الآيتين الكريمتين: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» (الإسراء: 9)، وقوله أيضًا: « قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (المائدة 16،15)، فمن فهم معناهما علم يقينًا كيف الطريق إلى الله عز وجل دون أي تيه أو اعوجاج.