أوتدري عزيزي المسلم أن الأخلاق صفة الرحمن، وأن الأديان صفة الإنسان، ذلك أن الأديان تتغير والأخلاق لا تتغير.
الأديان مرتبطة بالزمان والمكان والناس، بينما الأخلاق مرتبطة بذاتية صفات رب الناس وهو لا يتغير، ومن ثم فإن التعامل مع الثابت أفضل من التعامل مع المتغير.. الأخلاق مصدرها صفات الله وليس دين الله.
الأخلاق عالمية وليست دينية حتى إن توافقت مع الأديان، والأخلاق هي لاشك صورة الإنسان الباطنية، أما صورة الإنسان الظاهرة فهي الخلق، لذلك كان من دعاء النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «... واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت».
مكارم الأخلاق
عزيزي المسلم، إياك أن تتخلق، لأن التخلق اصطناع الخلق، وهو لا يدوم طويلاً، بل يرجع إلى الأصل.
وقد جعل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم الغاية من بِعثته الدعوة للأخلاق، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا أهمية الخلق، فما دين إلا أخلاق، والخلق هو الكافي لاستمرار الحياة والنجاح والنصر، ومن ثم الكافي لاستمرار الأمم وبقائها.
يقول الشاعر: (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)، ومن ثم فإنه مما يؤسف له بحق اليوم أن الوسيلةَ التي جذبت كثيرًا من الناس إلى الإسلام هي نفسها التي كانت سببًا في صرف الناس عنه، وهي الأخلاق، وذلك لما فسدت الأخلاق والسلوك ابتعد الناس عن الإسلام للأسف.
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكمالتنافس في الأخلاق
الأخلاق هي الصفة التي تفتح باب التنافس على مصراعيه أمام الجميع، فمن كان أكثر خلقًا كان الأقرب لنبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة، فقد جعلها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أساس كل خير وسبب للتفضيل يوم القيامة، فقال: «إن أحبكم إليَّ، وأقربكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقًا، الثَّرثارون المتفيقهون المتشدقون».
كذلك جعل صلى الله عليه وسلم أجر حُسن الخلق ثقيلاً في الميزان، بل لا شيء أثقل منه، فقال: «ما من شيءِ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حُسن الخلق»، كما جعل أجر حُسن الخلق كأجر العبادات الأساسية، من صيام وقيام، فقال: «إن المؤمن لَيدرك بحُسن الخلق درجةَ الصائم القائم».