يسأل أحدهم عن أفضل مراتب العاشقين، والحقيقة أن أفضل مراتب العاشقين إنما منهم أهل الليل، ومنهم أهل النهار، ومنهم أهل النهار والليل .. فبحسب رؤيتهم المحبوب.. فالعامة يساعدها الليل للاحتفاء بالمحبوب.. والخاصة يحتفون به في وجود العامة .. وخاصة الخاصة لا يغيب عنهم.. فاسأل نفسك من أنت فيهم؟.. ولا تنسى أن الله يحبك كما تحبه وأكثر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحبَّ الله عبدًا، نادى جبريل: إنَّ الله يُحبُّ فُلانًا فأحبَّه، فيُحبُّه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبُّوه، فيُحبه أهل السماء، ثم يوضَعُ له القبول في الأرض».
درجة رفيعة
إذن، من أحبه الله فهو في درجة رفيعة جدًا من مراتب العشق الإلهي، ومؤكد أنه أحب الله حبًا جمًا وكان موصولا به ليل نهار، فكانت النتيجة أن أحبه الله، واختصه من بين البشر جميعهم.
في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تعالى قال: مَن عادى لي وليًّا، فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرَّبَ إليَّ عَبدي بشيء أحبَّ إليَّ ممَّا افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصَرَه الذي يُبصِرُ به، ويدَه التي يَبطِشُ بها، ورجله التي يَمشي بها، وإن سأَلني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنه»، لكن من يدعي محبة الله ولا يتتبع سنة نبيه فهو لاشك يناقض نفسه، قال تعالى: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ » (آل عمران: 31، 32).
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكمقيام الليل
من يريد أن يختبر حبه لله، فعليه أن يقوم من ليله ومن منامه ليصلي بين يديه لا لطلب شيء، وإنما حبًا في الله وفقط.
فأصحاب الليل وصفاتهم وأحوالهم، فهي كما قال تعالى في سورة الذاريات، وغيرها من السور والآيات، مبينًا سبب دخولهم الجنات، فقال عز شأنه: « إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » (الذاريات: 16 - 18)، فنالوا بذلك جنات وعيونًا، وما كل هذا إلا لأنهم باتوا لربهم سُجدًا يتضرعون إليه، وما ذلك إلا لأن الليل هو من سمات الصالحين.
قال النبي الأكرم صلَّى الله عليه وسلَّم: «عليكم بقيام الليل؛ فإنه دَأْبُ الصالحين قبلكم، وقُربة إلى ربِّكم، ومكفرة للسيِّئات، ومَنهاةٌ عن الإثم».