مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك.
أقدر مشاعرك وأتفهم ما حدث لك من ألم عميق، فالإساءات الجنسية خاصة من المحارم، تعد من أقسى، وأشد ما يمكن أن تتعرض له فتاة في مثل مرحلتك العمرية، فالأذى جاءم من مصدر كان من المفترض أن يكون مصدرًا للأمان لا الغدر والأذى.
ومما زاد الطين بلة، ارتباط الإساءة ليس فقط بمصدر الأمان، ولكن بمصدر يقوم بمهمة روحية، المفترض أنها تتسم بالنقاء والنظافة الأخلاقية "محفظ قرآن".
ما الذي يمكن أن يحدث لبناءك النفسي يا عزيزتي بسبب إساءة العنف الجسدي "الضرب"، أضف له إساءة جنسية "التحرش"؟
ما هي مشاعرك المتوقعة؟
هل ثمة شيء سوى بركان غضب؟!
ثم يأتي "سجن الخوف" الذي وضعت نفسك في داخله، في مواجهة هذا كله!!
أي صورة مفزعة هذه؟!
عزيزتي..
نحن لا نكون مسئولين عما يحدث لنا، ونحن أطفالًا بلا حول ولا قوة، ولا حيلة، لكننا مسئولون عندما نعي، ونعرف، ونكبر، ونصل للبلوغ والرشد، عن التعافي مما حدث لنا في هذه الطفولة.
عزيزتي..
تشوه الإساءات النفس، وقد تصيبنا بالكسر، والشرخ النفسي، والشعور بالخزي، والندم المعطل عن رؤية العطب، والسعي للتعافي منه.
عزيزتي..
نظلم أنفسنا عندما نحبسها في سجن الخوف، كنا أطفالًا وحدث لنا هذا، ولكن الآن يجب أن تتحرري من أسر هذا السجن وقيوده، فالخوف موت ونحن أحياء، الخوف يطمس ملامح الذات الحقيقية، نعم، هو لا يبقي ولا يذر.
عزيزتي..
عندما تلطمنا الصدمات، ونفيق، ونعرف أن ما لطمنا اسمه "صدمة"، لابد أن نسعى بجد، للتعافي.
عزيزتي..
عندما يستخدم العنف، والتخويف، لينسج علاقتنا مع الله، فنراه ذلك الإله المعاقب، المنتقم، تكسو مشاعر الذنب والخوف هذه العلاقة، بلا اتزان، ولا رحمة.
لذا، فهذه النفس التي شوهتها الإساءات، ولطمتها الصدمات، تحتاج إلى تصحيح كل العلاقات، بداية من العلاقة مع الذات، وصولًا للعلاقة مع الله.
كل هذا ممكن يا عزيزتي، إذا ما عقدت العزم على خوض رحلتك للتعافي.
رحلة الاستبصار بالذات، والقرب الحقيقي منها، والعناية بها، وحبها، هي البداية لخيرك، وظهور نسختك الأفضل.
لا تستخسري في نفسك السير في هذا الطريق يا عزيزتي، ولا تستصعبيه، فهو ممكن، ويسير على من يسره الله عليه، فقط ابدأي بالبحث عن معالجة نفسية، ماهرة، وأمينة، حتى لا تتأخرى عن إنقاذ نفسك أكثر من هذا.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟اقرأ أيضا:
أقاربي لا يحبون "خلفة البنات" وكل أطفالي "بنات".. ماذا أفعل؟