حج هارون الرشيد، فأرسل إلى الإمام سفيان بن عيينة فأمره أن يحدث بنيه، فقال يا أمير المؤمنين قد سألني الناس فامتنعت عليهم، ولكني أجلس لبنيك وللناس، فقال: نعم.
فلما جلس صاح به الناس: سألناك الجلوس لنا فأبيت علينا، فلما جاءك المال والجائزة جلست.
فقال للمستملي: أنصتهم لي.. فصاح المستملي: أن اصمتوا واستمعوا، فسكت الناس، فأخرج سفيان بن عيينة رأسه إليهم، وقال: حدثني الزهري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما شيء أحلّ وأطيب من ثلاثة: (صداق الزوجة، والميراث، وما أتاك الله به من غير مسألة، فإنه رزق ساقه الله إليك ).
يقول سفيان بن عيينة: والله ما جئت هذا الرجل ولا سألته شيئا من ماله، ولو وجه إلي شطر ماله لقبلته، ثم أدخل رأسه ولم يحدثهم في ذلك الموسم بشيء.
قصة عجيبة عن تولي القضاء:
أشخص الخليفة المنصور سوارا القاضي من البصرة إلى بغداد في شيء أراد أن يشافهه فيه، فمر بواسط، وفيها يحيى بن سعيد الأنصاري يتولى القضاء، فدلّ عليه، فقال له: ألك حاجة إلى أمير المؤمنين؟ قال: نعم يعفيني من القضاء.
فقال سوار للمنصور إذ قدم عليه، وكلمه فيما أراد: يا أمير المؤمنين، الأنصار تعلم ما يجب في حقهم.
فقال المنصور : هيه. قال: يحيى بن سعيد تعفيه من القضاء. قال: قد أعفيته.
فلما انحدر سوار مر بواسط، فقال ليحيى بن سعيد: قد أعفاك أمير المؤمنين. فقال: لا جزاك الله خيرا عن صبية من الأنصار كانوا يقتاتون هذه الست مائة درهم في كل شهر.. كأنه أراد أن يعرض ولا يحقق.
اظهار أخبار متعلقة
ماذا عن جوائز السلطان؟
1-كان الحسن البصري رحمه الله يقول: لا يرد جوائزهم إلا أحمق أو مُراء.
2- قال مطرف بن الشخير: إذا كانت لأحدكم إلي حاجة فليرفعها في رقعة ولا يواجهني بها، فإني أكره أن أرى في وجه أحدكم ذل المسألة.
3- ودخل أعرابي على أحد الأمراء، فقال: إني لم أصن وجهي عن مسألتك، فصن وجهك عن ردي، وضعني من كرمك مثلما وضعتك في أملي.
قال الأمير: قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم، وهي أكثر من قدرك. قال: والله لئن جاوزت قدري فما بلغت قدرك.