عزيزي المسلم، انتبه من الذي تعرف عداوته، ولكن يظهر لك محبته، فهذا أخطر عليك من الواضحين في عدواتهم، ألا تلاحظ أن سبحانه وتعالى حينما ذكر المنافقين قال في حقهم: «كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ» (المنافقون 4)، إلا أنه حينما ذكر الكافرين قال عز وجل: «فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» (آل عمران 175).
فالنفاق هو أن يظهر الإنسان خلافَ ما يبطن، حيث يكون المعنى في قلبه ضد نطْقه ولسانه، وتصرفاته في باب الحب أو البغضاء لا تخبر عن حقيقتها على الإطلاق، ومن ثم وجب عليك الحذر منهم، والبعد عنهم من فورك، لأنهم لن يرتاحوا إلا بإفشالك ثم الشماتة فيك.
تحذير شديد
القرآن الكريم تضمن عشرات الآيات التي تحذرنا من المنافقين، بل أن هناك سورة كاملة باسمهم، كأن المولى عز وجل يريد أن يعينا منهم على أكمل ما يكون التوعية، لأنهم يبطنون عكس ما يظهرون، ومن ثم فقد نسير خلفهم حتى النهاية ثم نقع في فخ كبير لا نهاية له، وكذلك سورة التوبة وقد سماها بعض المفسرين "الفاضحة" كونها كشفت زيفهم في الحضر والسفر والمسالمة والجهاد وأبانت عن بواطنهم ونزعت الغب الذي يتسترون به خلف حجب مصلحتهم ونيتهم الفاسدة.
وما حذر سيد الأنام صلى الله عليه وسلم من آفة ضارة بالدين والدنيا مثل النفَاق، قال الله تعالى: « وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ » (المائدة: 61).
أنواع النفاق
المنافقون أنواع، الأول وهو الذي يتعلق بالقلب مباشرة حيث يتربع فيه الكفر بيد أن صاحبه يخفيه ويظهر الإسلام، قال الله تعالى: « ذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ » (المنافقون: 1 - 3).
ومن ثم فإن أهل النفاق الاعتقادي في الدرك الأسفل من النار، قال الله تعالى: « إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا » (النساء: 145)، والنوع الثاني هو النفاق السلوكي، ويظهر في التعامل بين الناس حيث تطفو خلائق المنافقين على سطح سلوكياتهم فيكذبون على الدوام.