هل يمكن لبشر أن يحيط علمًا بكل شيء عن الله عز وجل؟.. بالتأكيد لا. قال تعالى: «يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلْمًا» (طه - 110).
فالأمر يخرج من قدرة الإنسان تمامًا، وذلك لأن أسماء الله وصفاته لا يمكن أن نصل إلى نهايتها، حتى أعلم العالمين بالله عز وجل لا يستطيع أن يصل إلى نهاية أسماء الله، لأن معرفة كل أسماء وصفات الله معناه الإحاطة بالله وهي مستحيلة، لكن نتعرف ونستزيد ويعلمنا الله من أسمائه التي أنزلها في كتابه أو علمها لخلقه.
وأيضًا لأن الإحاطة في الأصل، هي الاستيلاء على الشيء من كل جهاته، كما قال تعالى: « وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ » (البروج: 20)، وهو أمر مستحيل المنال لأي إنسان أو التحقيق منه.
الله القاهر
الله عز وجل هو القاهر كما وصف نفسه سبحانه وتعالى: «وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ» (الأنعام 18)، ومن ثم فإن صفة الإحاطة تأتي بمعنى القهر والجبروت، إذ قال الله تعالى: « وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ » (الإسراء: 60).
وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ » (فصلت: 54)، أي مستول عليهم، ومحيط بعلومهم، ومحيط بجميع المخلوقات.
لذلك يرى كثير من العلماء أن المحيط من أسماء الله الحسنى الثابتة بالكتاب، واستشهدوا بقول الله سبحانه وتعالى: « وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ » (البقرة: 19)، والمحيط هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه، وهو الذي أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، وبالقياس على الإنسان، فإنه لا يمكن لأي إنسان مهما كان أن يعرف كل هذه الأمور، وبالتالي الإحاطة بالله من قبل البشر مستحيلة.
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكمقدرة الله
مع ذلك، ترى هناك من لا يقدر الله حق قدره، ويقع منه (سهوًا) الكثير عن قدرات الله عز وجل، وكيف أنه يستطيع ما لا يمكن لأي بشر أن يستطيعه أو يقدر عليه، فقد قال الله تعالى: « وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ » (الزمر: 67)، فمن هذه عظمته يمتنع أن يحصره شيء من مخلوقاته.
وقد ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على صحتها وتلقيها بالقبول والتصديق.
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع : يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني محمد رسول الله بعثي بالحق ، ويؤمن بالموت ، ويؤمن بالبعث بعد الموت ، ويؤمن بالقدر».