يتبادر إلى أذهاننا كثيرًا، السؤال: ما هي حقيقة الدنيا؟.
والإجابة كما جاءت على لسان الدكتور مصطفى محمود قائلاً: (إنما فقاعة هي تلمع بألوان الطيف الجميلة البراقة ثم فجأة تصبح لا شيء)، فالأيام تمر مر السحاب وأعمارنا آخذة في الذهاب والملائكة تكتب أعمالنا في كتاب والموعد يوم الحساب فماذا أعددنا ليوم الحساب؟.
قال تعالى: « وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا » (الفرقان: 62)، إذن علينا التركيز فيما يفيد، وأن نقف أمام أنفسنا لنراجع حساباتنا، حتى لا نفاجئ بأننا أمام الله عز وجل وليس بحوزتنا شيء.
قال تعالى يحذر من ذلك: «آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ » (الحشر: 18 - 20).
إياك والغفلة
إياك والغفلة، وأن تسرقك الدنيا، فتجد نفسك وقد انتهيت دون أي فائدة، فهلا استمعت لأهل الخبرات حينما قالوا: (كيف نأنس بالدنيا ونحن سنفارقها وكيف نأمن النار وكل واحد منا واردها.. يا بن آدم صحتك تقودك إلى سقمك وحياتك تقودك إلى موتك).
وهو ما أكده المولى عز وجل في قوله تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ » (فاطر: 5، 6).
لذا علينا التوقف قليلاً لمحاسبة أنفسنا قبل الحساب في الآخرة. يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: «إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا».
اقرأ أيضا:
لو عايز تعيش مطمئنًا هادئ القلب خاليًا من الهموم والغموم.. تعامل بهذه الطريقةعابر سبيل
جميعنا يعلم نصيحة ووصية نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل»، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: «إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك».
وإذا كان الأمر كذلك، فكيف بنا ننسى الأهم وهي الآخرة، ونتذكر فقط دنيانا، يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله : «لقد أدركت أقوامًا كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي يمشون عليه».
لذلك يقول الله عز وجل: «مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ » _ أي الدنيا _ « عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا » (الإسراء: 18، 19).