ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عن رجل نذر إن نجح ابنه في الثانوية العامة بمجموع كبير سوف يذبح عجلاً، ولما حدث لم يستطع أن يوفي بالنذر لظروفه الاقتصادية، فأراد أن يخرج شيئًا بديلاً كأن يذبح خروفًا، او يشتري لحمًا أو يوزع نقودًا على الفقراء.. ما الحكم؟
يجيب الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية بأن الشرع الشريف أوجب على المُكلَّف الوفاء بنذر الطاعة عند القدرة عليه، ثبت ذلك بالكتاب والسُنَّة واتفاق الأمة.
فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة:270]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيق﴾ [الحج: 29]، وقوله تعالى في بيان صفات الأبرار: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإِنسان: 7].
ومن السُنَّة: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» أخرجه الإمام البخاري وأصحاب السنن، من حديث عائشة رضي الله عنها.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلَّم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أُوْفِ بِنَذْرِكَ»؛ حينما قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية" متفقٌ عليه.
وأضاف المفتي: "أما الاتفاق: فلا خلاف بين علماء الأمة على لزوم الوفاء بالنذر في الطاعة، وعدم الوفاء به في المعصية، والأصل أن يفي الناذر بعين ما نذر إذا كان طاعة لله وقربًا، وليس له أن يستبدل به غيرَه ما دام قادرًا على الوفاء به، إلّا إذا أوفاه بغير جنسه للمصلحة الراجحة: فكثير من الفقهاء والمحققين يرون جواز ذلك إذا كان أفضلَ منه؛ نظرًا للمصلحة الراجحة في زيادة نفع المساكين".
وأكد في فتواه أنه بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز لأُمكَ أن تُغيِّر جنسَ ما نذرَتْه أو صفتَه -وهو الخروف- إلى ما هو أفضل منه؛ فتذبح بدلَه بقرًا أو جاموسًا مثلًا، أو أن تخرج قيمة هذا النذر بما يزيد على ثمنه؛ لأن ذلك كلَّه أنفع للفقراء والمحتاجين. غير أنه لا يجوز الإبدال بما هو أدنى منه؛ كدجاجة أو بطة أو جَدْيٍ، أو بقيمةٍ أقل؛ حتَّى لا تقل منفعة النذر.
اظهار أخبار متعلقة