خلق الله الإنسان ووهبه أسباب السعادة والرقي وجعل له من التشريعات ما يمكنه من أداء وظيفة الاستخلاف في الأرض، ومع هذا فقد ابتلاه بأمور يتميز بها الصداق من الكاذب الطائع من العاصي وهذه سنة الله في الكون قال تعالى: {هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}.
فتنة النساء:
ومن أعظم الأشياء التي ابتلي بها المؤمن فتنة النساء؛ فعن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء رواه مسلم، وفي رواية للإمام أحمد رحمه الله تعالى: "إن الدنيا خضرة حلوة فاتقوها، واتقوا النساء..
وهذه الفتنة لا تعني أن المرأة كائن مكروه منبوذ لكن يحذر من إغوائها أو غوياتها ولا يتساهل في التعامل بلا ضوابط شرعية، ولهذا فإن التهاون في التعامل مع النساء يؤدي بلا شك إلى الوقوع في المحاذير ومن هنا فإن لعلماء قد بينوا حدود التعامل كما بينوا كيفيته.. وأكدوا على أهمية غض البصر وعدم إطلاقه إلى ما حرم الله تعالى لكنهم اختلفوا في كون النظر لصورة العورة له حكم النظر إليها حقيقة، فإنهم لم يختلفوا في حرمة ذلك إذا كان بشهوة، أو أدّى إلى فتنة، وعلى ذلك، فمشاهد الأفلام المذكورة بدعوى أنها صور لا حقيقة: دعوى باطلة.
النظر إلى صورة المرآة أو ظلها:
ولقد توسع العلماء في بيان حدود التعامل الآمن مع النساء حتى لا يقع أحدنا في الفتنة لا سيما وأن فيه من أنواع المفاسد النفسية، والاجتماعية والشرعية ما لا يخفى على عاقل، ومما تناولوه مسألة النظر إلى النظر لعورة المرآة في المرآة ونحوها فإنهم وإن اختلفوا في تحريم النظر إلى عورة المرأة في المرآة أو في الماء، فإنهم لم يختلفوا في تحريم أي شيء يؤدي إلى فتنة الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل، قال ابن حجر الهيتمي: خرج مثالها فلا يحرم نظره في نحو مرآة كما أفتى به غير واحد، ومحل ذلك كما هو ظاهر حيث لم يخش فتنة ولا شهوة، وبالتالي فإنهم لا يختلفون في تحريم نظر صورة العورة في المرآة أو غيرها إذا كان بشهوة أو أدى إلى فتنة. وبهذا تعلم أن نظر العورة ـ ولا سيما المغلظة ـ في المرآة لا يجوز، لما تجلبه من الفتنة إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة. أما تأبيد حرمة المرأة بسبب النظر إلى فرجها أو مسها بشهوة فلم نقف على من قال به، ولعله مجانب للصواب. أو يعني ما يقوله الأحناف من تأبيد حرمة أصول المرأة أو فروعها بالنسبة لمن نظر إلى فرجها بشهوة.. وبهذا فإن الالتزام بما حده الشرع الحنيف من حدود تحفظ كرامة المسلم ودينه هو الصواب وأي تعدي على ذلك يولد ضررًا بيِّنًا وفاسدًا مجتمعيًا كبيرًا.