أي طالب مجتهد يعلم جيدًا أن هناك امتحانًا ينتظره، ويجهز له نفسه على أفضل ما يستطيع، حتى يتخطاه، وهكذا الدنيا، جميعنا يعلم يقينًا أن هناك آخرة وحساب يوم القيامة، فماذا أعددت لها.. لكن أوتدري، حتى تستطيع إعداد نفسك بشكل جيد لها، عليك أولاً أن تعرف أن يوم القيامة، كالمحاكمة لها قوانينها الخاصة، يجب عليك معرفتها جيدًا.
عن أبي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه».
إجراءات المحاكمة
أما عن إجراءات المحاكمة، فاعلم أن الله حددها في عدد من آيات القرآن الكريم، ومن ذلك الحضور تحت حراسة مشددة، تأكيدًا لقوله تعالى: «وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ» (ق 21)، وأيضًا لن يكون هناك سر على أحد، لذلك كثير من الناس يسأل الله عز وجل أن يرزقه عدم الفضيحة يوم العرض.
قال تعالى: «وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا» (الإسراء 13)، أما ما يطمئن كل مسلم، أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون هناك أي ظلم، تأكيدًا لقوله تعالى: «وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ» (ق 29)، وأيضًا تأكيدًا لقوله تعالى: «الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ» (غافر 17).
فاستعد لهذا اليوم، واعلم يقينًا أنك ستكون وحدك دون محامٍ يدافع عنك أو سند، تأكيدًا لقوله تعالى: «اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا» (الإسراء 14).
اقرأ أيضا:
وانتهت الأيام العشر.. فهل انفض مولد (الإيمانيات)؟القيامة حق
القيامة حق، وبالتالي كل ما فيها بالتأكيد حق، فلا مجال على الإطلاق للرشوة أو الواسطة.
قال تعالى: «يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ» (الشعراء 88)، أيضًا لا يمكن أن يكون في هذا اليوم أي شهود زور: «يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (النور 24).
وعلى الرغم من أن كل الخلق سيُسأل إلا أنه لن يضيع أحد على الإطلاق وسط الزحام أبدًا، تأكيدًا لقوله تعالى: «وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» (مريم 64).. أيضًا كمحاكم الدنيا، سيسلم الله الحكم لعباده باليد، وهو ما أكده سبحانه في قوله تعالى: «فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ» (الحاقة 19).. لأنه بكل تأكيد لن يكون هناك أي حكم غيابي، تأكيدًا لقوله تعالى: «وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ» (يس 32).
ووسط كل ذلك هناك ميزان دقيق للأعمال، قال تعالى: «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ» (الأنبياء 47).