درجة الإيمان بالله ليست أمرا ثابتا بل هو مرتبطةبحرص العبد علي اتباع أوامر ربه واجتباب نواهيه والحرص علي التقرب إلي الله بالطاعات فهو عبر الحفاظ عبلي هذه الطاعات يكون قريبا من ربه فيما تصيب الغفلة عن الله والتعرض للفتن وتراجع الإقبال على ذكر الله تعالى يجعل الإيمان يضعف وبل يكرس حاجة ماسة إلي تجديد الإيمان .
من الثابت أن حاجة المؤمن لتجديد إيمانه شديد الأهمية فالإيمان لا يبقى كما هو؛ فقد يقلّ، أو يضعف، أو يتعرّض المؤمن لفترة فتورٍ في حياته، وهذا ليس بغريبٍ، فالدنيا دار فتنةٍ وموطن شهواتٍ، كما أن قلّة ذكر الله -تعالى-، والانشغال بالمُلهيات عن الطاعة والعبادة، والإكثار من ارتكاب المعاصي والذنوب؛ يؤدّي إلى ضعف الإيمان والبعد عن الله -سبحانه-،
وبحسب إجماع العلماء فإن تجديد الأيمان أمر في غاية البساطة ولا يتسم بأي نوع من التعقيد بل جاء بشكل واضح في الحديث النبوي الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” جددوا إيمانكم“، قيل:” يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا؟” قال:” أكثروا من قول لا إله إلا الله“. فهذه وصفة نبوية إذا لمن يشكو ضعف إيمانه، وقسوة قلبه، وأراد الدواء.
الدواء هنا كما جاء في الحديث النبوي الشريف أن يكثر من قول لا إله إلا الله. قول لا إله إلا الله أعلى شعب الإيمان وأرفعها. بشهادة أن لا إله إلا الله يدخل الكافر إلى الإسلام،
من الثابت أن تجديد الإيمان مرتبط بعديد من الطاعات التي تجدّد الإيمان في قلب المؤمن وتقوّيه، وفي مقدمتها : التوبة والرجوع إلى الله -سبحانه-، مصداقا لقوله الله -تعالى-: "وَالَّذينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تابوا مِن بَعدِها وَآمَنوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِها لَغَفورٌ رَحيمٌ" فإن كانت التوبة خالصةً وصادقةً لله -عز وجل-، مع العزم على عدم العودة للمعصية، فإنّها سببٌ لمغفرة وتكفير الذنوب،
وفي هذا السياق يجب علي العبد المؤمن الحرص على مراجعة نفسه والتوبة إلى الله باستمرار، ويدعو الله -عز وجلّ- أن يتقبّل توبته، فإنها رحمة من الله، ولولاها لتفشّى في المجتمع المعاصي والظلم، كما أن السيّئات والمعاصي تُضعف الإيمان في القلب، لذا فالقلب بحاجة لتجديد إيمانه بالتوبة، لذلك أتبع الله -سبحانه- الإيمان بالتوبة في الآية السابقة.
ومن الطاعات الواجب علي المؤمن الألتزام بها لتجديد إيمانه التواضع؛ فتواضُع المؤمن في هيئته وكلامه وأسلوبه؛ يدلّ على تواضع قلبه وخشيته لله -سبحانه-، "مَن ترَكَ اللِّباسَ تواضعًا للَّهِ، وَهُوَ يقدِرُ عليهِ، دعاهُ اللَّهُ يومَ القيامَةِ على رؤوسِ الخلائقِ، حتَّى يخيِّرَه من أيِّ حُللِ الإيمانِ شاءَ يلبَسُها وفي هذا السياق كان سيدنا عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- لا يُميّز بين العبيد الذين يعملون عنده لشدّة تواضعه.
من الطاعات اللازمة لتجديد الإيمان محبة الله -عز وجل- وخشيته، والتقرّب إليه بالرجاء وحسن الظن به والتوكل عليه، والرضا بقضائه، والمداومة على شكره وذكره، والتأدّب معه -سبحانه وتعالى- بالصدق واليقين والثقة به، والحرص على عدم هجر كتابه الكريم، والاستقامة على طريق الهِداية.
ومن الثابت أن محاسبة النفس، من السبل المهمة لتجديد الإيمان لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّـهَ".
اقرأ أيضا:
كيف يكشف الشح عوراتك أمام الأخرين؟ولا يغيب عنا في هذا السياق تجاهل التوجّه إلى الله -عزّ وجلّ- بالدعاء بتجديد الإيمان بقلب المؤمن فضلا عن الحرص على الابتعاد عن الفِتن والشهوات التي تُضعِف الإيمان في القلب.
كذلك يجب المحافظة على الأعمال الصالحة التي تُقوّي الإيمان وتجدّده في القلوب، ومنها المحافظة على ذكر الله وأذكار الصباح والمساء، والإكثار من الصلاة على النبيّ، والاستغفار، وتفقّد أحوال الأيتام والأرامل، والصدقة على الفقراء والمحتاجين، وزيارة المرضى، وزيارة المقابر للعِظة والاعتبار، وتذكّر أحوال الآخرة.
ومن ثم فينبغي على المؤمن أن يحرص على تجديد إيمانه، والعودة إلى الله -تعالى- بالتوبة النصوح، والتقرّب منه، فالقلوب متقلّبةٌ ولا تبقى على حالها وعلى نفس درجة إيمانها، وقد كان معاذ -رضي الله عنه- يحرص على دعوة أصحابه ليؤمنوا؛ ويقصد بذلك أن يجلسوا فيذكروا الله -سبحانه-، وكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كثير الذكر أثناء حديثه، فلا يختم كلامه إلا بقول "لا إله إلا الله