من أسماء الله الحسنى التي ذكرت في القرآن الكريم، الخالق، قال تعالى: «هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى» (الحشر: 24)، فهل مازال سبحانه يخلق، أم أن عملية الخلق انتهت؟.
الله جل في علاه مازال وسيظل الله يخلق، حتى لحظة لا يعلمها سواه سبحانه وتعالى، يتوقف فيها عن الخلق، لتبدأ عملية الحساب، فالله خالق لكنه لم يخلق ويترك الدنيا عبثا بل إنه مازال يخلق وإلى يومنا هذا وسيظل مستمرًا في عملية الخلق إلى أن يشاء هو.
فاستمرار الخلق هو من عند الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: «إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (يونس 24) .
الحياة الدنيا
يصف أحد الحكماء الحياة الدنيا بأنها مثل شريط السينما فإننا ما دمنا في حالة تشغيل لآلة السينما فإننا نرى أحداث الفيلم على الشاشة ولكن إذا ما اغلقنا هذه الآلة فإن الفيلم ينتهي ويفنى، وممن ثم فلو أن الله سبحانه وتعالى قد قطع إمداده عن خلقه لفنى هذا العالم وانعدم، ولكننا نبقى في هذا العالم بمدد الله سبحانه وتعالى الذي لا ينتهي.
يقول ربنا سبحانه وتعالى: «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ»، وحينما سأل أحدهم: (ما شأن ربنا)، كانت الإجابة من العلماء: (أمور يبديها ولا يبتديها)، فالله لاشك هو الخالق على الحقيقة، وهو الخالق على الاستمرار، وسبحانه كان خالقًا قبل الخلق، ومستمرًا إلى ما بعد الخلق، وهي أمور غيبية لا يعلمها سواه سبحانه وتعالى.
اقرأ أيضا:
وانتهت الأيام العشر.. فهل انفض مولد (الإيمانيات)؟عظيم الخلق
وقد ورد اسمه تعالى الخالق في القرآن الكريم في أحد عشر موضعًا؛ منها قوله تعالى: «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا » (الفرقان: 2)، وقوله تعالى: « خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ » (الأنعام: 102).
ولذلك فإنه مهما ادعى الإنسان قدرته على الإبداع والاختراع، فإنه لا يستحق أن يصف نفسه باالخالق أبدًا، لأن إبداعه واختراعه لا يكون للشيء من العدم، ولكن الله تعالى الخالق هو الذي ذلل له وجود هذه الأشياء وسخرها له.
قال تعالى يفرد نفسه بعملية الخق لذاته العليا وفقط: « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ » (المؤمنون: 12 - 14).