عزيزي المسلم إذا قيل لك: (افعل ما شئت فإنك على موعد مع الله بمفردك)، فقف كثيرًا أمام هذه الجملة المرعبة، لأنها قد تكون أكتر جملة تخيفك على الإطلاق في الدنيا.
أيضًا من الآيات التي ينبغي لكل مسلم أن يتوقف كثيرًا عند قراءتها، قوله تعالى: «وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا » (مريم: 95)، والحقيقة أن غالبية الناس يلتفتون في هذه الآية إلى معنى البعث يوم القيامة، وهو معنى بالتأكيد حقيقي، لكنهم يَغفلون عن باقي معنى الآية، وهو لفظ «فردًا»، إذ أن البعث يوم القيامة للحساب أمام الله سيكون بصورة فردية، لن يأتي أحد مع قبيلته، أو مع أبناء عصره، أو مع رفقائه، الكل سيأتي فردًا، مجردًا من العزوة والصداقة، ليس في رفقته إلا عمله الذي عمله في الدنيا.
هنا وحدك
في هذا المقام، -مقام الوقوف أمام الله عز وجل-، ستكون وحدك تمامًا ليس معك سوى عملك، فإما أن يكون لك، أو والعياذ بالله عليك، وهنا تذكر قول الحق سبحانه وتعالى: « يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ » (عبس: 34 - 37)، أي أنه لن تجد أحد بجوارك يدافع عنك كما كان يحدث في الدنيا.
قال تعالى: «هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا» (النساء 109)، إذن وبما أن هذه هي الحقيقة المطلقة، فعليك أن تراجع نفسك قبل فوات الأوان، فالأمر جلل، والوقفة أمام الله صعبة جدًا، ولم يسلم منها سوى من أتى الله بقلب سليم، وفي ذلك يقول المولى عز وجل: «يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» (سورة الشعراء:88-89).
اقرأ أيضا:
لو عايز تعيش مطمئنًا هادئ القلب خاليًا من الهموم والغموم.. تعامل بهذه الطريقةقلل الظلم
حاول جاهدًا أن تقلل ظلمك للناس، لأنك حين تقابل الله عز وجل، قد يسامح في كثير، لكنه لا يسامح في حقوق العباد، لأن سينادَى على رؤوس الأشهاد باسمك واسم أبيك، من له عند فلان بن فلان مظلمة.
عن سلمان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «يجيء الرجل يوم القيامة من الحسنات بما يظن أنه ينجو بها ، فلا يزال رجل يجيء قد ظلمه بمظلمة ، فيؤخذ من حسناته فيعطى المظلوم حتى لا يبقى له حسنة ، ثم يجيء من يطلبه ، ولم يبق من حسناته شيء ، فيؤخذ من سيئات المظلوم ، فيوضع على سيئاته ».