الموت يطول الجميع مهما بلغوا، هناك من يستعد له، وهناك من يغفل عنه، فانظر إلى حالك، هل استعددت له؟، أم أن الدنيا ألهتك، وشغلتك عن الدارة الآخرة، التي هي خير مستقر ومقامًا.
عن البراء بن عازب، رضي الله عنه، قال: «كنا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلمَ في جنازة، فجلسَ على شير القبر، فبكى، حتى بل الثرى، ثم قالَ: يا إِخواني لمثل هذا فأعدوا».
فمن نظر إلى المقابر وتفكر في أهلها وساكنيها، وفي أعدادها وما أكثرها، وفي أحوالها وأهوالها وما أشدها وأفظعها، وتخيل كم فيها من صاحب وصديق وقريب وعزيز، واراهم التراب، ولم يعودوا إلى الحياة، وإنما لملموا أوراقهم، وباتوا في غياهب النسيان، لكن الله مع من أجاد في الدنيا ونجح في الاختبار، بينما الآخر فعليه ما عليه.
هادم اللذات
النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، دعانا صراحة إلى ذكر هادم اللذات، وهو الموت، وما ذلك إلا لكي نستعد له جيدًا، ولا يسقط منا سهوًا، فإياك أن تغفل أيها عزيزي المسلم عن الموت فإنه ليس له مكان معين، ولا زمن معين، ولا سبب معين، ولا عمر معين يأتيكم بغته وأنتم لا تشعرون.
قال تعالى: « قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ »، لكن من أحب لقاء الله، أحب بالتأكيد لقائه، وفي ك تقول أم الؤمنين عائشة رضي الله عنها، يا رسول الله كلنا يكره الموت قال: «لا يا عائشة ليس ذاك لكن هو العبد الصالح - العبد المستقيم – عند سكرات الموت تأتيه ملائكة الرحمن تبشره بروح وريحان ورب راضي غير غضبان فيفرح بلقاء الله فيفرح الله بلقائه، أما العبد العاصي – العبد الغافل – فتأتيه ملائكة الرحمن تبشره بسخط وعذاب من الله فيكره لقاءِ الله فيكره الله لقائه».
اقرأ أيضا:
لو عايز تعيش مطمئنًا هادئ القلب خاليًا من الهموم والغموم.. تعامل بهذه الطريقةالاستعداد الجيد
على المسلم، أن يستعد جيدًا للموت، لأنه الحقيقة المطلقة، وانتظار الحساب من الله عز وجل.
فقد قال أبو الدرداء رضي الله عنه وهو يحتضر: «ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا؟ ثم بكى فقالت له امرأته: أتبكي وقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ومالي لا أبكي ولا أدري علام أهجم من ذنوبي»، وهذا هو سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه وقد بكى في مرضه فقيل له ما يبكيك فقال: «أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ولكني أبكي على بعد سفري وقلة زادي وإني أصبحت في صعود مهبط على جنة أو نار ولا أدري أيهما يأخذ بي».