لكل إنسان صحيفته الخاصة، والله تعالى منح كل إنسان الحق الكامل في أن يملأ صحيفته كيفما شاء، لكن هناك من لا يهتم بأن يملأها بالشكل المطلوب، بما يخدم مصالحه وبما ينجحه في اختبارات الحياة المتكررة، فتراه يفشل في الكثير من صفحاتها، ويملأها بالعديد من الأمور التافهة التي تخسره دنياه وآخرته، بينما لو كان اهتم قليلاً بملئها بما يفيد لنجح في الدارين وفاز بما يريد.
وقد علمنا رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، كيف نملأ صحائفنا، بل ونبه علينا مرارًا وتكرارًا على ذلك، فعن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من أحب أن تسره صحيفته ; فليكثر فيها من الاستغفار ».
املأها بالاستغفار
صحيفتك عبارة عن سطور، إما تتركها فارغة، حتى لا تقع في أي خطأ أو ذنب، أو تملأها بالحب والإخلاص والوفاء، لكن وبما أننا بشر، لابد أن نخطئ، فلو كانت الصفحة مثلا 10 أسطر، حاول أن يكون ما بين كل سطر وسطر، كلمة استغفار، راجع نفسك، وتذكر الله فيها، فربما سطر الاستغفار هذا يمحو كل سطور الذنوب مهما كانت، ولمّ لا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تُذنِبوا فتستَغفِروا لذهَبَ الله بكم، ولجاء بقومِ يُذنِبون فيستَغفِرون الله؛ فيَغفِر الله لهم».
إذن لو في كل صفحة من صحيفتك سطر واحد استغفار لنلت شرفًا عظيمًا، ولفزت مهما كانت ذنوبك، لأنه إذا استغفر العبد لله عز وجل بنية صادقة، وقلبٍ موقن، فإن الله تعالى يغفر له.
قال تعالى: « قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » (الزمر: 53).
اقرأ أيضا:
وانتهت الأيام العشر.. فهل انفض مولد (الإيمانيات)؟سخاء المطر
الاستغفار كالمطر ينزل على الذنب فيمسحه ويمحيه تمامًا، كما يمحي المطر التراب من على الشبابيك والجدران، قال تعالى نقلاً عن قول نبي الله هود عليه السلام لقومه: « وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ » (هود: 52).
إذن بالاستغفار يعود المرء من الشرك إلى اليقين والحق، فما بالنا بالعودة من مجرد الذنب إلى طريق الحق؟.. مؤكد الأمر أيسر وأسهل، لكن للأسف كثير منا ينسى أو يتناسى فتمر عليه أيامه، وتملأ صحائفه دون فائدة.
قال تعالى حاكيًا عن نبي الله صالح عليه السلام أنه قال لقومه: « يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ » (هود: 61).