حكايات العشق كثيرة، ولكن العفة في هذا الأمر أغرب ما يكون، هو يلفت النظر في مثل هذه الأمور، ومن ذلك:
1-حكى محمد بن سيرين أن عبد الله بن جعفر نظر إلى جارية له كان يحبها حبا شديدا وهي تلاحظ عبده فسألها: بالله هل تحبين فلانا؟
فقالت: أعيذك بالله يا سيدي، قال فسألها: بالله لا تكتميني ذلك، فسكتت فأعتقها ودعاه فزوجها إياه.
قال: ثم إن نفسه تتبعتها فدعا مولاه فقال: أتنزل عنها ولك عشرة آلاف درهم؟ قال: لا والله، ولا مائة ألف درهم.
قال: بارك الله لك فيها، قال فأعرض عنها.؟ قال: فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات مولاه وتزوجها ابن جعفر بعد ذلك.
2- وكان أحد الوجهاء في دمشق من خيار عباد الله، قد نظر إلى غلام جميل فغشي عليه، فحمل إلى منزله، واعتاده المرض حتى أقعد من رجليه، فكان لا يقوم عليهما زمنا طويلا.
يقول أحد رفاقه: وكنا نأتيه ونعوده، ونسأله عن حاله وأمره، وكان لا يخبرنا بقصته ولا بسبب مرضه، وكان الناس يتحدثون بحديث نظره، فبلغ ذلك الغلام، فأتاه عائدا، فهش إليه وتحرك وضحك في وجهه، واستبشر برؤيته، فما زال يعوده حتى قام على رجليه، وعاد إلى حالته.
فسأله الغلام يوما المصير إليه معه إلى منزله، فأبى أن يفعل، فكلمني أن أسأله أن يتحول إليه، فسألته، فأبى، فقلت: وما الذي تكره من ذلك؟
فقال: لست بمعصوم من البلاء، ولا آمن من الفتنة، وأخاف أن تقع علي من الشيطان محنة أو عند ظفر بفرصة فتجري بيني وبينه معصية فيحتجب الله عني يوم تظهر فيه الأسرار ويكشف فيه عن ساق فأكون من الخاسرين.
3- وذكر عالم اللغة ابن دريد عن أحد معاصريه قال: انصرفت من الحج فمررت بمكان كذا وكان لي فيه صديق من بني عامر بن صعصعة، فصرت إليه، فأنزلني، فبينما أنا عنده، ونحن قاعدان بفنائه، إذا نساء مستبشرات، وهن يقلن: تكلم تكلم!
فقلت: ما هذا؟ فقالوا: فتى منا كان يعشق ابنة عم له، فزوجت، وحملت إلى ناحية الحجاز، فإنه لعلى فراشه منذ حول ما تكلم، ولا أكل، إلا أن يؤتى بما يأكله ويشربه.
فقلت: أحب أن أراه، فقام، وقمت معه فمشينا غير بعيد، وإذا بفتى مضطجع بفناء بيت من تلك البيوت، لم يبق منه إلا خيال، فأكب الشيخ عليه يسأله، وأمه واقفة، فقالت: يا مالك! هذا عمك أبو فلان يعودك، ففتح عينيه، وأنشأ يقول أبياتا من الشعر.
ثم تنفس الصعداء فإذا هو ميت، فقام الشيخ، وقمت فانصرفت إلى خيمت، فإذا جارية بيضاء تبكي وتتفجع. فقال الشيخ: ما يبكيك؟ فأنشأت تقول أبيات من الشعر عن الفتى الميت، ثم شهقت، فإذا هي ميتة.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟