يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم، موجهًا حديثه إلى نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم: « اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ » (التوبة: 80)، فما الحكمة من ذلك، ولماذا حدد الله عدد مرات الاستغفار بسبعين مرة؟.
يقول العلماء: إن المراد بالسبعين الكثرة وليس تمام العدد، أي أنك يا محمد مهما استغفرت لهم حتى لو وصل العدد إلى سبعين أو يزيد، فإن الله عز وجل لن يغفر لهم، لكن حينما قال الله تعالى: «وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا » (الأعراف:155)، هنا كان المقصود العدد بالضبط أنهم 70 رجلاً.
كما أن هذا القول لا يتفق مع الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله إني لأستغفر اللهَ وأتوبُ إليه في اليوم أكثرَ من سبعين مرة»، لأنه بالفعل المقصود العدد المحدد كما ورد، وليس بمعنى الكثرة في المطلق.
أعداد مضبوطة
القرآن الكريم، والسنة حملا العديد من الآيات التي تتضمن أعدادًا مضبوطة على ما قصد منها وبها، كما روى مسلم في صحيحه عن الأغر المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه لَيُغانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة».
أيضًا فإن كمال الذكر من أذكار الصباح والمساء، والنوم، وبعد الصلوات المكتوبات - غالبًا ما يكون في المائة، وكذلك كمال النعيم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «في الجنة مائة درجة، ما بين كلِّ درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجةً؛ منها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش؛ فإذا سألتم اللهَ فاسألوه الفردوس».. كل هذه أعداد موثوقة ومؤكد المطلوب منها، لكن لماذا ذكر الله سبعين بالتحديد، بمعنى الكثرة؟.
الحكمة في ذكر السبعين
رقم السبعين استخدمه الله عز وجل في موضع آخر بمعنى التضخم والكثرة، ويبدو أنه سبحانه وتعالى يقصد به شدة الرفض أو وليعاذ بالله الهلاك، فإننا إذا تأملنا الآية التي تليها، وهي قوله سبحانه وتعالى: « فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ » (التوبة:81)، سنجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر مضاعفة نار جهنم بالنسبة لنار الدنيا، فقال: «قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان هذا التضعيف كما صح عن أبي هريرة في الحديث المتفق عليه: «نارُكم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم»، إذن يبدو أن السبعين مصطلح لا يعلمه إلا الله يستخدمه في الهلاك ومضاعفة العذاب، وبالتالي في رفض الاستغفار لهؤلاء الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضا:
باقة رائعة من الأذكار والأدعية.. احرص عليها يوميا