إذا أردنا أن نتعلم فن الدعاء، علينا أن نرجع إلى كتاب الله، نتدبره، ونتأمله، ونرى ما فيه من أدعية ونغوص فيها، في مراد الله منا، إذ ينبغي للإنسان أن يُخرج لنفسه ما يجد قلبه عنده من دعاء الكتاب والسنة والأولياء الصالحين وأن لا يضيِّق على نفسه في أمر لا يجد قلبه فيه.
فقد حثنا الله تعالى على الدعاء في آيات كثيرة من كتابه العزيز، قال تعالى: « وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ » (البقرة: 186).
الباب المفتوح
كل منا لاشك يريد أن يكون له بابه المفتوح الخاص به، سواءً بابًا مفتوحًا إلى الدنيا وزينتها، أو الآخرة وجميل انتظارها، والغريب في الأمر أن الوصول إلى الاثنين، لا يأتي إلا عبر باب واحد، وهو باب الدعاء.
قال سبحانه: « أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ » (النمل: 62)، بل أنه الله عز وجل حرم علينا البعد عن الدعاء، إذ قال جل شأنه: « وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ » (غافر: 60).
فالجأ إلى الله، واسأله على كل حالك، وفي كل وقتك، حينها ستعيش أجواء الفن الذي لا ينتهي ولا تمل منه، قال تعالى يؤكد ذلك: «قال سبحانه: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » (الأعراف: 55، 56).
اقرأ أيضا:
آيات قرآنية تحصنك من السحر والجنالصلة مع الله
أجمل ما في الدعاء هو أنك تناجي الله عز وجل بلا واسطة أو وسائل أخرى، قال الله تعالى: « وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ » (الحشر: 10).
وليس هناك أجمل من أن يتواصل العبد مع أخيه بالدعاء له بظهر الغيب، فقد روى مسلم عن صفوانَ بن عبدالله بن صفوان، وكانت تحته - أي زوجته - الدرداء، قال: قدمت الشام، فأتيت أبا الدرداء في منزله، فلم أجده، ووجدت أم الدرداء، فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم، قالت: فادع الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابةٌ، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخيرٍ، قال الملَك الموكل به: آمين ولك بمثل».