كثير مما تسمعه هذه الأيام، حول أن فلان هذا كذا وكذا، وترى الكثير من الناس يتناولون الأمر كأنه (مضغة) في فمهم، وهم لا يدرون أن الأمر أخطر مما يتصورون، لأنه يقودهم لا محالة إلى نار جهنم، لأنه من أخطر ما يهدد العلاقة بين المسلمين ويوغر صدور بعضهم على بعض إطلاق العنان للألسن، ليتحدثوا عن الآخرين بما يسوءهم ويحزنهم.
وتلك هي الغيبة التي نهى الله عنها، وحذر منها رسول الله رضي الله عنه أعظم تحذير، فلقد نهى الله عن الغيبة وشبهها أبشع تشبيه، شبهها بأكل المرء من لحم أخيه بعد موته، مع أنه يأبى الأكل منه وهو حي.
فقال عز وجل: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ » (الحجرات: 12).
أمر مكروه
فالغيبة أمر مكروه من كل الناس لا شك، وبالتالي نهى الإسلام بشقيه القرآن والسنة النبوية، تمامًا عن الغيبة، وحث المسلمين على أهمية التحدث فيما يفيد أو ليصمت، إذا كان همه فقط التحدث عن الناس.
وقد أوضح النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم للناس الغيبة، فقال صلى الله عليه وسلم : «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟»، قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ»، قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ».
إذن في كل الأحوال توقف من فورك عن ذكر سيرة أخيك مهما كانت، فالأمر جلل عند الله وعقابه شديد، فقد تستهين بكلمة، لكنها تكون كالنار يسري في الهشيم، فتحرقك وأنت لا تدري.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية كذا وكذا (تعني أنها قصيرة) فقال صلى الله عليه وسلم : «لقد قلت كلمة لو مزجت بما البحر لمزجته».
اقرأ أيضا:
وانتهت الأيام العشر.. فهل انفض مولد (الإيمانيات)؟الحرام البين
رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى تمامًا عن التحدث في أمور الناس، إذ يروى أنه خطب يوم النحر فقال: «يا أيها الناس أي يوم هذا؟» قالوا: يوم حرام. قال: «فأي بلد هذا؟» قالوا: بلد حرام؟ قال: «فأي شهر هذا؟» قالوا: شهر حرام. قال: «فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا»، فأعادها مراراً ثم رفع رأسه، فقال: «اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟».
بينما هذا الذي يقف أمام مثل هذه الأمور ويرفضها، فإن الله يحبه ويجعله من المقربين، عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال: «من رد عن عرض أخيه المسلم كان حقًّا على الله جل وعلا أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة».