جدل يبدأ مع بداية كل فصل من فصول السنة الأربعة، حيث هناك من يحب الشتاء ويكره فصل الصيف، وهناك من يكره الشتاء بشكل كبير، ويصاب فيه بالاكتئاب نظرا لبرودة الطقس، ما يعجز معه عن تحقيق رفاهيته في الخروج للمسارح والسينما، والجلوس على المقاهي ومقابلة الأصدقاء والنوم مبكرا، فقد يشعر البعض بالضيق وانقباض النفس في فصل الشتاء، وهو ما يسميه خبراء النفس بـ"الاكتئاب الموسمي"، وهذه المرحلة تعد البوادر الأولى لمشكلة الاكتئاب الشتوي.
فما سبب الإصابة بهذا بالمرض وما هي أفضل وسيلة للتخلص منه؟
يقول تقرير نشره موقع "إذاعة صوت ألمانيا"، إن فصل الشتاء يتميز بطول الليل وقلة ساعات النهار، ما يجعل الحصول على الكم الكافي من الضوء في الشتاء صعبا، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين يعملون لساعات طويلة في المكاتب، فضلا عن أن ظهور الشمس يكون لفترات وجيزة في الشتاء، ما يدفع البعض للشعور بالانقباض والضيق.
ونقل التقرير عن موقع N24 الألماني، إن اثنين بالمائة من الناس يعانون مما يعرف بظاهرة الاكتئاب الموسمي. ويشعر المصابون به بالخمول والتعب وعدم القدرة على العمل.
وفي دراسة حديثة أجريت في مشفى شاريتيه في برلين على أشخاص يتعرضون للضوء لأوقات قليلة، تبين أن تعريض الجسم لأشعة مصابيح النهار (مصباح الفلورسنت)، يساعد على إفراز الهرمونات بشكل متوازن.
ويرى خبراء النفس أن أفضل وسيلة لمواجهة اكتئاب الشتاء هي الضوء، إذ تساعد أشعة الشمس على إفراز هرمون السيروتونين والمعروف بهرمون "السعادة" في الدماغ.
وبوجود ما يعرف بمصابيح النهار يمكن الحصول على الكم الكافي من الضوء في الشتاء، حيث تعتبر المصابيح الفلورية أكثر تكلفة من المصابيح المتوهجة لكن تكلفة الطاقة تكون منخفضة عادة.
تنظيم عملية النوم والاستيقاظ
من ناحية اخرى، أشار موقع دي فيلت الألماني، إلى أن الضوء يؤثر على تنظيم عملية النوم والاستيقاظ، وهو أمر مهم في الشتاء، المعروف بطول ليله وقصر ساعات النهار.
وقال الموقع إن وجود الضوء يساعد المستقبلات الضوئية على وصول المزيد من الضوء إلى العين، وذلك عبر إنتاج بروتين يعرف باسم "الميلانوبسين" ليقوم بدوره بنقل المعلومات إلى جزء من الدماغ والمسؤول عن التحكم بالساعة البيولوجية، ليتم بعد ذلك نقل المعلومات إلى الغدة الصنوبرية، حيث يتم إنتاج الميلاتونين.
اظهار أخبار متعلقة
وأكد الموقع أن الحصول على الكم الكافي من الضوء يقلل من إنتاج الميلاتونين ويساعد على البقاء في حالة يقظة، علما أن الضوء الأبيض يتميز بطول موجته، ما يساعد المستقبلات الضوئية على استقباله بشكل أفضل من الأحمر.
إفراز هرمون السيروتونين
وإلى جانب دور الضوء في تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية، أثبتت التجربة أن الضوء يشعر المرء بالراحة، فهو يساعد على إفراز هرمون السيروتونين، وعلى الرغم من أن الباحثين لم يتمكنوا حتى الآن من تفسير طريقة حدوث ذلك تماما، لكن الكثير من الدراسات أثبتت أن للضوء تأثيرا فعالا ضد الاكتئاب، وأن قلة الضوء تؤثر سلبا على المزاج.
وأكد الطبيب ديتر كونتس أخصائي الأمراض النفسية في مشفى سانت هيدويغ في برلين، أن الاكتئاب الشتوي لا يعود إلى طول الليل وتقلص عدد ساعات النهار فحسب، فرغم أن الشمس تشرق بشكل كاف أحيانا، إلا أن كثيرين يفضلون البقاء في مكاتبهم أو بيوتهم في فصل الشتاء، وهو ما يحد من تعرضهم لأشعة الشمس.
ولمواجهة الاكتئاب الشتوي ينصح الطبيب كونتس بالتعرض يوميا لأشعة الشمس، لمدة نصف ساعة على الأقل أو الجلوس أمام مصابيح النهار (مصباح الفلورسنت)، فهذه المصابيح تساعد على التخلص من الاكتئاب الشتوي بعيدا عن التأثيرات الجانبية لمضادات الاكتئاب.