هناك من يخرج ليأخذ الصدقات من الناس ويوصلها إلى مصادر إنفاقها الشرعية المتاحة، وللأسف هناك البعض من يسيء إلى هؤلاء، وهو لا يعلم أنهم يفعلون ذلك جراء وجه الله تعالى، ولا يحصلون على شيء أو مكسب جراء ذلك، إلا ابتغاء إرضاءً لله.
عن جرير بن عبد الله قال جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إن ناسا من المصدقين يأتوننا فيظلموننا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرضوا مصدقيكم»، قال جرير ما صدر عني مصدق منذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عني راضٍ، أي ببذل الواجب وملاطفتهم واحترام دورهم وعدم التقليل من تعبهم.
يأخذ بيدك إلى الجنة
هذا الرجل الذي يأتيك ليأخذ منك الصدقة ليوصلها إلى من يستحقها، إنما كأنه يأخذ بيدك إلى الجنة، وأنت لا تدري، وبالتالي لا يجب أبدًا معاملته على ذلك بسوء، أو التقليل منه أبدًا، طالما أنه كان رجلا حسن السمعة، ومعلوم عنه أنه لا يأخذ من أحد شيء إلا أوصله لأهله ومكانه الطبيعي، فضلا عن أن القرآن الكريم ضمنهم من بين من يستحقون الزكاة.
قال تعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ».
لكن طالما أنه ارتضى أن يكون مجرد موصل لهذا العمل الخير، فعليه أن يلتزم بذلك، وألا يأخذ منها شيء البتة أن الوكيل في الصدقات ليس من العاملين عليها حتى يستحق الثمن، فالعاملون عليها هم المعينون من قبل ولي الأمر، وليس كل من يتولى توزيع الصدقات، وبالتالي إذا أراد أن يأخذ من الصدقات فعليه أن يستأذن المتبرعين بذلك، فإن لم يفعل فقد خان الأمانة، واستجاب لوساوس الشيطان، ويجب عليه التوبة والاستغفار.
اقرأ أيضا:
وانتهت الأيام العشر.. فهل انفض مولد (الإيمانيات)؟عمل تطوعي
ترى الكثير من كبار السن يلتحقون بالعمل الخيري (بعد خروجهم على المعاش)، لاستغلال ما تبقى لهم من عمر في أعمال الخير، ولاشك أن أفضل أعمال الخير هذه في توزيع الصدقات.
إذ تراهم يمرون على الناس (وخصوصًا الأغنياء منهم)، لجمع الصدقات ثم توكيدها عند أهل الأمر، ممن تخول لهم الدول هذا الحق، وهم أناس طالما أنهم يشهد لهم الجميع بحسن النية والخلق، علينا معاملتهم بطيب خير، ولا نصدهم أبدًا، فإما أن تمنحهم وأنت على يقين أن أمناء عليها، أو تعتذر منهم بطيب نفس، دون أي تجريح أو تجاوز.