تمكن علماء الفلك من التقاط أعمق وأدق صور لمركز مجرة درب التبانة على الإطلاق، ما مكّن العلماء من تقدير كتلة الثقب الأسود العملاق في قلب مجرتنا بدقة لا مثيل لها.
وكشفت عمليات رصد مجرة درب التبانة، التي أجريت باستخدام مقياس تداخل التلسكوب الكبير جدا (VLTI) في المرصد الأوروبي الجنوبي (ESO) في تشيلي، عن نجم غير معروف سابقا يدور بالقرب من الثقب الأسود المركزي الغامض لمجرتنا، يُسمى القوس A *.
ويعد التلسكوب الكبير جدا أحد أكثر مراصد الفضاء البصرية تقدما في العالم. ويتكون المرصد من أربعة تلسكوبات رئيسية، يبلغ قطر كل منها 27 قدما (8.2 مترا)، وأربعة تلسكوبات إضافية، ويمكن للمرصد اكتشاف أجسام نجمية أخف بأربعة مليارات مرة مما يمكن رؤيته بالعين المجردة.
وتتيح تقنية تسمى "قياس التداخل" لعلماء الفلك الجمع بين الضوء القادم من خلال التلسكوبات الأربعة الرئيسية في صورة واحدة. وقال الباحثون إن علماء الفلك يستخدمون قياس التداخل منذ سنوات، لكن أحدث تكراره يوفر تحسنا مذهلا بمقدار 20 ضعفا في الحدة والتفاصيل مقارنة بالصور التي حصل عليها بواسطة التلسكوبات الفردية.
وقالت جوليا ستادلر، باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد ماكس بلانك للفيزياء الفلكية في Garching بألمانيا، والتي قادت حملة التصوير، في بيان: "يمنحنا مؤشر VLTI هذه الدقة المكانية المذهلة ومع الصور الجديدة نصل إلى أعمق من أي وقت مضى. أذهلنا مقدار تفاصيلها، والحركة وعدد النجوم التي تكشفها حول الثقب الأسود".
ونظرا لأن الثقب الأسود في مركز درب التبانة لا يصدر أي ضوء، فلا يمكن ملاحظته بشكل مباشر. ولا يمكن لعلماء الفلك التعرف على خصائصه إلا من خلال دراسة حركات النجوم في جواره.
وكشفت القياسات، التي أجريت بين مارس ويوليو 2021، أن القوس A * تبلغ كتلته 4.3 مليون شمس ويقع على مسافة 27000 سنة ضوئية من الأرض. وكلا هذين الرقمين هما أدق التقديرات من نوعها حتى الآن.
اقرأ أيضا:
ما هو الفرق بين البيت العتيق والبيت المعمور؟ ومكان كل منهما؟وخلال الحملة، لاحظ علماء الفلك النجم S29، أقرب نجم معروف إلى القوس A *، يقوم بالتكبير من خلال الثقب الأسود على مسافة 8 مليارات ميل فقط (13 مليار كيلومتر)، حوالي 90 ضعف المسافة من الأرض إلى الشمس. وخلال هذا الممر القريب، سافر النجم بسرعة قياسية بلغت 5430 ميلا في الثانية (8740 كيلومترا في الثانية).
ولكن الملاحظات اكتشفت أيضا نجما جديدا تماما في هذه المنطقة الكثيفة القريبة من قلب المجرة. ويُعد اكتشاف النجم، المسمى S300، تطورا واعدا لمزيد من البحث في هذا الجزء المثير للاهتمام من نظام المجرة.
ويعد البحث جزءا من مشروع دولي يسمى GRAVITY، والذي يقوم بتطوير تقنيات جديدة لتحليل صور مركز مجرة درب التبانة بهدف رسم الخرائط المحيطة بـ القوس A * بأكبر قدر ممكن من التفاصيل. ويأمل علماء الفلك أن يتمكنوا في المستقبل من اكتشاف النجوم الأكثر خفوتا من S29 وS300 والدوران بالقرب من الثقب الأسود.
وقد تكشف مدارات هذه النجوم القريبة معلومات حول دوران الثقب الأسود. ويأمل علماء الفلك في تحقيق قفزات كبيرة بعد الانتهاء من تلسكوب الفضاء الخارجي الكبير للغاية، والذي سيصبح أكبر مرصد فضائي بصري في العالم عندما يتم الاتصال بالإنترنت في حوالي عام 2025.
اقرأ أيضا:
التقويم الهجري القمري.. تقويم رباني معجز لا يخضع مساره لتغيير البشراقرأ أيضا:
وبدأ موسم الرمان.. فوائد سحرية لقلبك ومناعتك والوقاية من هذه الأمراض