يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تستطيعوا فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه».. حديث يوجه إلى الوفاء وحفظ الجميل مهما طال العمر، فالوفاء وحفظ الجميل من شيم النبلاء، لكن على الجانب الآخر صاحب المعروف يجب ألا يكون منانا يذكر معروفه دائما، فالمن ليس في الإنفاق وإنما يكون في العطاء بشكل عام.
لذلك اعلم، أن وقوفك بجانب من يحتاج مساعدة عطاء، وأن مساعدة الفقير عطاء، وأن خدمة من يطلبك عطاء، وأن تفريج الهموم عطاء، فلا تحرم نفسك من أن تكون معطاءً، لأن الأمر عند الله يساوي الكثير والكثير، وكما يقول أهل الحكمة في السابق: «اعمل الخير وارميه البحر»، فالتزم بها، واعلم جيدًا أنها قاعدة ذهبية ورثناها من أجدادنا، فلا تكن بالمنان، فلا تجعل نفسك وصيًا على من أعطيته، واخلص نيتك واجعلها لله، واجعل دائما حبل عطائك ممدودًا حتى يتقبل الله منك صالح الأعمال.
لا تكن منانًا
الله يعاقب المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا منة، بألا يكلمه ولا ينظر إليه يوم القيامة.
عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم»، قال: فقرأها رسول الله ثلاث مرارًا، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: «المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب»، فإن منحت أحدهم شيئًا فلا تمنن عليه، فقط احتسبها لله عز وجل وكفى، قال تعالى: «وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ» (المدثر 6).
إياك أن تعطي أحدهم شيئًا ثم تطلب أكثر منها كمقابل، حتى لو كانت هذه العطية لغني وليس لفقير، وبالتالي لا تعط عطية تنتظر ثوابها، فإن الانتظار تعلق بالأطماع، وقد قال الله تعالى : «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأبقى».
الوفاء في العطاء
كن وفيًا في عطائك، ولا تبخل ولا تبخس الناس أشيائهم، ولا تنتظر أي مردود منهم، بل اجعله كله لله وفقط، صدقًا ستنال قدرًا من الله لا يمكن تخيله ولا تصوره، فما عند الله خير وأبقى لاشك، قال تعالى يؤكد ذلك: «وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (البقرة:265).
وفي السنة الصحيحة كثير من الترغيب في الصدقة، كما في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان: فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا».
اقرأ أيضا:
لماذا تبوأ الصحابة هذه المكانة العالية في الإسلام ولم يكن غيرهم؟