تنقسم الأمراض التي تصيب الإنسان إلى نوعين رئيسين أمراض الأبدان وأمراض القلوب وهي الأخطر ومن أخطر أمراض القلوب إن ابتلي الإنسان بالعجب ورؤية النفس والتكبر على الآخرين.
معنى العجب:
والعجب أن لا يرى الإنسان غلا نفسه ولا يعجب إلا برأيه فهو فقط الصواب وهو فقط من يرجع إليه كذا ما يراه لنفسه.
ومن مظاهر العجب حب الثناء والمدح، والغضب من الثلب والقدح؛ فطرة إنسانية، وجبلة بشرية، ولكن الموفَّق كل الموفَّق من كان همُّه الأول، وشغله الشاغل أن يكون ممن أثنى الله عليهم ومدحهم، وأن لا يكون ممن ذمَّهم الله، وقبح فعلهم، وأن لا يبالي بشيء من مدح الناس، إلا ما كان مما مدح الله به، وأن لا يبالي بشيء من ذمِّهم، إلا ما كان مما ذمَّ الله به.
ومما يعين على هذا: التفكرُ في آجِل الثواب، وما أعدّه الله للمخلصين من عباده، والأخذ بالأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى؛ حتى يكون الله تعالى أحب إليك من نفسك، وولدك، والناس أجمعين.
فإذا أحببته سبحانه أكثر من كل أحد؛ لم تتطلّع إلا إلى ما يرضيه رضي الناس، أم سخطوا.
أسباب العجب:
والحاصل أن جهل الإنسان بنفسه، وصفاتها، وآفاتها، وعيوب عمله، وجهله بربه وحقوقه، وما ينبغي أن يعامل به، يتولد منهما رضاه بطاعته، وإحسان ظنه بها، ويتولد من ذلك من العجب، والكبر، والآفات ما هو أكبر من الكبائر الظاهرة من الزنى، وشرب الخمر، والفرار من الزحف، ونحوها. فالرضى بالطاعة من رعونات النفس، وحماقتها. اهـ من مدارج السالكين.
علاج العجب:
وعلاج العجب يحصل باستشعار نعمة الله، ومنّته على العبد بالطاعة، وأن يجعل العبد نصب عينيه عيوب نفسها، وآفاتها، وتقصيرها.
قال ابن القيم: فمن أراد الله به خيرًا، فتح له باب الذل، والانكسار، ودوام اللجأ إلى الله تعالى، والافتقار إليه، ورؤية عيوب نفسه، وجهلها، وعدوانها، ومشاهدة فضل ربه، وإحسانه، ورحمته، وجوده، وبره، وغناه، وحمده.
فالعارف سائر إلى الله تعالى بين هذين الجناحين، لا يمكنه أن يسير إلا بهما، فمتى فاته واحد منهما، فهو كالطير الذي فقد أحد جناحيه.
قال شيخ الإسلام: العارف يسير إلى الله بين مشاهدة المنّة، ومطالعة عيب النفس والعمل.
وهذا معنى قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الصحيح من حديث بريدة -رضي الله تعالى عنه-: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»، فجمع في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي) مشاهدة المنّة، ومطالعة عيب النفس والعمل..